14عبادة لغير اللّٰه شِرك .
قلنا : وهل يخفى على أحد أنّ قوله ذلك لا يصحّ منه إلّاقضيّة شخصيّة ، وهي دعاء اللّٰه ، فإنّ دعاءه يكون مخّ عبادته ؛ من حيث معرفته والالتجاء إليه ، والاعتراف بأنّه الإلٰه لواحد القادر المطلق .
وأين هذا من دعائي ولدي ، وأقول : يا فلان أعطني كذا ، أو توسّط لي عند فلان بكذا .
هذا ، وإن زعم أنّها كلّيّة ؛ بمعنى : أنّ كلّ دعاء من كلّ أحد لكلّ أحد في كلّ عنوان ، هو عبادة له ومخّ العبادة .
فهذا الزعم واضح البطلان ، فلينظر إلى أصحابه وعلمائه وأُمرائه ، فكم يدعو وينادي الرجل منهم غيره ، ويستعين به في حوائجه في حَلّهم وارتحالهم ، وسلمهم وحربهم ، وقضائهم وسياستهم .
فهل كلّ هذا عبادة لغير اللّٰه وشِرْك به؟! وهل كلٌّ منهم مشركون؟!
[الاستغاثة بالوسائط]
وأمّا قوله فيما استشهد به من قول اللّٰه في سورة القصص :
فَاسْتَغٰاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ
فقد دلّت الآية على جواز الاستغاثة بالمخلوق في إبقاء الحياة ؛ وحفظ النفس منالهلكة؛ أولغيرذلك منالغايات، كما استشهد به هو لذلك، و ناقض به دعواه الأولى.
وأمّا دعواه جواز حصرها في أمر الدنيا وفيما هو المقدور للعباد من الأحياء بزعمه وقياسه .
فإنّما تردّها الآيات المطلقة التي استدلّ بها على دعواه ؛ حسبما ادّعاه على أنّ مطلق الاستعانة بالغير والابتهال إليه والتضّرع لديه شرْك به تعالى .