8 ونهارا: «اللّهمّ ارزقني حجّ بيتك الحرام في عامي هذا وفي كلّ عام ... وزيارة قبر نبيّك وقبور الأئمّة ...» 1، وعندما يستجيب الله دعاءه، وتتوفّر له فرصة الانتفاع من هذا السّفر الإلهي، تعتريه الغفلة، ولاينتبه إلاّ بعد عودته من الحجّ، فيرى أنّه لم ينتفع من هذا السفر، وإنّما أمضى وقته خلال الحجّ بالنزهة في شوارع وأزقّة مكّة والمدينة وأسواقهما، وتناول الأطعمة المعدّة له، والتحدّث بالكلام الفارغ مع هذا وذاك، مضافاً إلى التصرّفات التافهة التي صدرت منه هنا وهناك، وبعدها يعود إلى بلده فيستقبله أهله وأقرباؤه وأصدقاؤه، ويسألونه عن ذكريات سفره، فلا يجد عنده كلاماً ينفعهم ويفيدهم، فتعتريه الحسرة والندامة بعد فوات الأوان، ولكن لات حين مناص، وهنا تكمن الخسارة الكبرى.
ولجميع ما بينّاه يجدر بالحُجّاج أن يتعرّفوا قبل الحجّ على أهداف سفرهم هذا، وما يلزم عليهم القيام به؛ لتكون زيارتهم لبيت الله الحرام وقبر الرسول (ص) وقبور أئمّة البقيع المعصومين عليهم السلام عن وعي ومعرفة، وليكونوا بعد العودة ممّن شملتهم رحمة الله الواسعة، وأحاطتهم مغفرته الشاملة، وليعودوا وهم يلمسون في أنفسهم الارتقاء المعنوي الذي تمكّنوا من نيله في جميع أبعاد حياتهم.
وقد ضمّ هذا الكتاب - عزيزي القارئ - جملة من الأخلاق