45تكذيبه في تنزيهِهِ وتقديسِهِ نفسَهُ عزّ وجلّ .
وقال أبو الوفاء بن عقيل : تحسب الجهلة أنّ الكمال في نسبة النقائص إليه فيما نزّه نفسه عنه عزّ وجلّ ، والذي أوقعهم في ذلك القياسُ المظنون ، وكيف يكون له حكم الدليل وقد قضىٰ عليه دليل العقل بالردّ؟!
[اختلاف الناس في هذه الأخبار]
قال أبو الفرج بن الجوزي : والناس في أخبار الصفات علىٰ ثلاث مراتب :
إحداها : إمرارها علىٰ ماجاءت من غير تفسير ولا تأويل إلّاأن تقع ضرورة ، كقوله تعالىٰ : وَ جٰاءَ رَبُّكَ أي جاء أمره ، و هذا مذهب السلف .
المرتبة الثانية : التأويل وهو مقام خطر .
المرتبة الثالثة : القول فيها بمقتضىٰ الحسّ ، وقد عمّ جهله الناقلين ؛ إذ ليس لهم علوم المعقولات التي بها يعرف ما يجوز علىٰ اللّٰه - عزّ وجلّ - وما يستحيل .
فإنّ علم المعقولات يصرف ظواهر المنقولات عن التشبيه ، فإذ عدموها تصرّفوا في النقل بمقتضىٰ الحسّ .
ولو فهموا أنّ اللّٰه - عزّ وجلّ - لا يوصف بحركة ولا انتقال ولا جارحة ولا تغير ، لما بقوا علىٰ الحسّيات التي فيها عين التشبيه وهو كفر بالقرآن أعاذنا اللّٰه من ذلك .
ولا شكّ أنّ مذهب السكوت أسلم وقد ندم خلق من أكابر المتكلّمين علىٰ الخوض في ذلك .
قال أبو المعالي الجويني في آخر عمره : «خليتُ أهل الإسلام وعلومهم ، وركبتُ البحر الأعظم ، وغُصْتُ في الذي نهوا عنه ، والآن رجعتُ الىٰ قولهم :
عليكم بدين العجائز ، فإن لم يُدركني الحقّ بلطفه وأموت علىٰ دين العجائز ، وإلّا