28
    
 وثيقة الإمام عليّ(ع) في علم الدراية والرجال 
  
  ولو تأمّلنا في تلك الوثيقة الرائعة التي يرسمها أمير المؤمنين(ع) بأبهى وأروع صورة في علم الرجال والدراية والجرح والتعديل، فهو يُعدّ المؤسّس لهذا العلم 1، قال ابن أبيالحديد في شرح نهج البلاغة: 
  ومن كلام له(ع) وقد سأله سائل عن أحاديث البدع، وعمّا في أيدي الناس من اختلاف الخبر، فقال(ع): «إنّ في أيدي الناس حقّاً وباطلاً، وصدقاً وكذباً، وناسخاً ومنسوخاً، وعامّاً وخاصّاً، ومحكماً ومتشابهاً، وحفظاً ووهماً، وقد كذب على رسولالله(ص) على عهده حتّى قام خطيباً، فقال: «من كذب عليّ متعمّداً فليتبوّأ مقعده من النار»، وإنّما أتاك بالحديث أربعة رجال ليس لهم خامس: 
  رجل منافق مظهر للإيمان، متصنّع بالإسلام، لا يتأثّم ولا يتحرّج، يكذب على رسول الله(ص) متعمّداً، فلو علم الناس أنّه منافق كاذب لم يقبلوا منه ولم يصدّقوا قوله،. . فهذا أحد الأربعة. 
  ورجل سمع من رسول الله شيئاً لم يحفظه على وجهه، فوهم فيه ولم يتعمّد كذباً، فهو في يديه، ويرويه ويعمل به، ويقول: أنا سمعته من رسول الله(ص)، فلو علم المسلمون أنّه وهم فيه لم يقبلوه منه، ولو علم هو أنّه كذلك لرفضه. 
  ورجل ثالث سمع من رسول الله(ص) شيئاً يأمر به، ثمّ إنّه نهى عنه، وهو لا يعلم، أو سمعه ينهى عن شيء، ثمّ أمر به، وهو لا يعلم، فحفظ المنسوخ، ولم يحفظ الناسخ، فلو علم أنّه منسوخ لرفضه، ولو علم المسلمون إذ سمعوه منه أنّه منسوخ لرفضوه.