14فالحج و العمرة سير إلي سبب القيام للاعتقاد، و تعديل لما هو عامل القيام للاقتصاد، إذ: ما جاع فقيرٌ إلاّ بما مُتّع به الغنيّ.
إنّ التحقيق حول معني التجلّي الممتاز عن التجافي، و حوم الحقيقة و الرقيقة يزيح أي شكٍّ يمكن أن يختلح ببال مَن لا يؤمن إلاّ بما يراه جَهْرةً، فيقول: لو كانت الكعبة بحذاء البيت المعمور للزم سكون الأرض و السماء معاً، أو حركتهما من مبدإ خاص إلي منتهي مخصوص علي سرعة خاصّة، حفظاً للمحاذاة، ذهولاً عن معني التحاذي المعنوي، و غفلةً عن التقابل الملكوتي، و ما إلي ذلك مما يناسب تحاذيهما كمحاذاة البيت المعمور العرش المحاذي للكلمات الأربع.
إنّ الإنسان المطبوع علي قلبه، المختوم علي سمعه و بصره، كما يُبَدل هويّته، ويجعل فؤاده كالحجر أو أشدّ قسوةً، يجعل أوّل بيتٍ وُضع للناس بيت العنكبوت، و لا تكون عبادته لديه إلاّ مكاءً و تصديةً، فمن دسّي نفسَه و خاب بتدسيسها، يُبَدل أقوي البيوت بأوهنها، و أمّا من عرف نفسه و زكّاها، يعرف قدرها و ينفتح له بذلك أبواب المعارف و الحِكم، و ينكشف له سرّ التعبير عن الكعبة بالبيت، مع أنّه لا بيتوتة هناك لأحدٍ، والسرّ هو أنّ عنوان البيت يحكي الليل التي إليها بركات، لاتوجد في النهار كما قال تعالي: إِنَّ نٰاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَ أَقْوَمُ قِيلاً . 1 و المرجوّ أن تتبرّك الأمّة الإسلامية علي اختلاف مذاهبها ببركة الكعبة ما هو خير لها.
آمين يا ربّ البيت الحرام