10بالتجلّي الخاص لا التجلّي العام الذي يصحبه التجافي أحياناً، و أنّ معني ما قد يقال: إنّ الكعبة من تخوم الأرض إلي عنان السماء قبلةٌ, له معني دقيق في الفقه الأكبر و الأوسط، كما أنّ له معني رائجاً في الفقه الأصغر، و أنّ صغر الفقه و كبره يرجعان إلي المحتوي الناظر إلي الجهاد الأصغر و الأكبر، إذ لا يمكن الفتح في الجهاد الأكبر بسلاح الفقه الأصغر، لأنّ لكلّ جهادٍ سلاحاً، و ظَفَراً، و غنيمةً، كما أنّ له هزيمة و غرامة، و أنّ قلبَ المؤمن إنّما يصير عرش الرحمن، إذا التزم بجميع ما في الفقهين الأصغر و الأكبر، و عرفه واعترف به، و آمن بذلك، و عمل به خالصاً لله، البريء مِن الرّياء، و السمعة، و ما إلي ذلك من هوي النفس، فلابدّ من تضحيتها، و تزكية الروح، و تذكية العقل، حتي يليق بأن يصعد، و يصير بنفسه بمنزلة عرش الرحمن، فحينئذٍ إذا أفيض علي قلبه شيءٌ من المعارف العلمية، أو العملية، يصير ذلك كلمةً عرشية، لأنّها أفيض علي عرش الرّحمن و استقرّ عليه، و كلّ ما يستقرّ علي العرش يصير عرشياً، فتلك المعارف تصير حكماً عرشية، كما هو المعهود لدي أبناء التحقيق؛ لا أنّ كل مطلبٍ عريقٍ عميقٍ دقيقٍ يستحقّ بأن يُعبّر عنه بالحكمة العرشية؛ لأنّه أفيض علي قلب الغير، و أيّ مطلبٍ أفيض علي الغير فهو عارية ترجع إلي صاحبها، و لا مساس لها بالمستعير، فليس له أن يتفوّه بذلك إلاّ بعد التصريح بالاعارة و الاستعارة، لأنّ ذلك المطلب السامي، و إن كان مشهوداً للعارف، أو معقولاً للحكيم، إلاّ أنّ نقله ليس عرفاناً و لافلسفةً، إذ الناقل المستعير لا يكون عارفاً شاهداً، و لا حكيماً عاقلاً، إذ نقل الشهود و العقل أجني عنه منقوله.
فكما أنّ قاريء القرآن له أنْ يقرأ و يرقي، حيث يقال له:
«إقرأ و ارق». 1 ولايختصّ ذلك بالآخرة، و إن كان هنالك بنحو أتم، بل يجري في الأولي أي الدنيا أيضاً، فكل الحاج و المعتمر و الزائر، و كل من يتّجه إلي الكعبة و يصلّي نحوها يقال