53السفر لزيارة قبره صلى الله عليه و آله ، أوجب اضطراباً في عقولهم فاخترعوا أنَّ السفر وشدَّ الرحال لمسجد النبي صلى الله عليه و آله لا لقبره ، ثمَّ بعد وصوله يمر على القبر ويدعو له 1 ، فاستندوا إلى حديث مفاده :
«لاتشد الرحال إلا إلى ثلاثة : مسجدي هذا ، والمسجد الحرام والمسجد الأقصى» 2 .
والجواب عنه واضح ؛ فإنَّ الحصر في هذه المساجد إضافي ، فإنَّه يعني : إذا قصدتم السفر إلى مسجد بعيد ، فاقصدوا أحد هذه المساجد الثلاثة ، ولا يعني ذلك عدم جواز السفر إلى مكانٍ آخر لمقاصد مشروعة ، والقرينة على ذلك هي الاتفاق بين المسلمين على السفر لزيارة الأهل وللتجارة ولطلب العلم وللجهاد ولزيارة العلماء والصلحاء وللتداوي ، وغير ذلك ممَّا لايحصى كثرة من أغراض الناس، فيجوز علىهذا زيارة الأنبياء والأئمة والصالحين ، لأنَّها ليست مما يتعرض له الحديث أصلاً.
وعلى تقدير تعميم النهي لكل سفرٍ إلى كل مكان وبكل غرض ؛ فإنَّه يلزم المنع عن كل سفر مطلقاً ما عدا السفر لهذه المساجد الثلاثة ، وهذا لا يقول به عاقل !!
ثمَّ إنَّ المفهوم من الحديث هو إثبات أفضليَّة هذه المساجد على غيرها من المساجد ليس إلا ، فإنَّه قد روى البخاري ذهاب النبي إلى قبا كل سبتٍ ماشياً وراكباً ،