44أوضحته عائشة بما مرَّ ، وفي رواية أخرى مع النبي صلى الله عليه و آله حينما زجر عمرُ النسوة عن البكاء فقال له الرسول : «دعهن فإنَّ النفس . .» وقد تقدم نقله ، وفيه أكبر دلالة على الجواز لا على المنع .
ثمَّ إنَّ هذا ينافي بكاء عمر نفسه على النبي صلى الله عليه و آله لما استيقن بموته ، وأخاه زيد بن الخطاب ، وبكى خالد بن الوليد لما مات ، وبكى النعمان بن مقرن .
الشبهة الثالثة : أنَّ في البكاء عنوان إظهار الإعتراض على ما يجريه اللَّه عزَّ وجلَّ على الإنسان في هذه الدنيا ، وسوء ظنٍّ به تعالى .
ولكنَّ هذه الشبهة ترتفع بفعل النبي صلى الله عليه و آله وفعل أصحابه ، وأهل البيت عليهم السلام ، هذا مع تصريح النبي صلى الله عليه و آله حين بكى على ولده ابراهيم وعمه حمزة وحين رأى النسوة يبكين : «بأنَّ العين دامعة والنفس مصابة والعهد قريب» وفي كلمة أخرى : «تدمع العين ويخشع القلب ولا نقول إلا ما يرضي الرب» ، وفيه دلالة واضحة على جواز البكاء في حد ذاته بشرط أن لا يستلزم محرماً وهو إغضاب اللَّهِ عزَّ وجلَّ ، فلا ملازمة بين البكاء والإعتراض على إرادة اللَّه ، ولا منافاة بينه وبين الصبر المأمور به وإلا لانتفت صفة الصبر عن النبي صلى الله عليه و آله حين صدور البكاء منه ، وهذا باطل قطعاً .
وأخيراً . . .فالبكاء ظاهرة نفسيَّة طبيعية عند كل إنسان فضلاً عمَّن تدين بالإسلام وتحلى بقواعد الإيمان ، فمن يغيب