13القبر هو للصحابي فلان أو لأحد الأئمة أو العلماء؟!
ما يضرهم لو رُقِّمت تلك القبور و بُنيت وعُرف أصحابها؟! أليس في ذلك أبلغ العبرة للمسلمين اليوم عندما يقفون أما قبر إمام أو صحابي قرأوا عنه وعلموا فضله و جهاده في سبيل الإسلام؟! لم كلّ هذا العداء للقبور وللآثار الإسلامية؟! وها هي المقابر والأضرحة منتشرة في طول العالم الإسلامي وعرضه، ولم نسمع أنّ أحداً من المسلمين قد اتخذها قبلة أو جعل أصحابها آلهة يعبدهم من دون الله؟! نعم هناك بعض الأفعال و الأقوال تثير بعض الإشكالات، وقد تكون مطية أو مدخلاً للشرك، مثل الصيغ غير الشرعية للنذر والتوسل والأدعية، والذين يخطئون فيها هم عادة من العوام الذين لا يعلمون الصيغ الشرعية للنذر والتوسل، ويقومون بذلك بقلب سليم من الشرك، والواجب تعليمهم و إرشادهم، وليس رميهم بالشرك أو تكفيرهم أو قتلهم!!
ومن المسائل التي ناقشها المؤلف كذلك مسألة الصلاة عند القبور، وقد خلُص إلى أنّ الصلاة إلى القبور أو بينها، و إن قلنا: إنّها محرّمة وباطلة لا توجب إلا الإثم والفساد، ولا توجب كفر فاعلها ولا تستلزم شركه، فلو صلَّى بحضرة قبر أو قبور، لم يفعل ما يخرج به عن الإسلام والتوحيد، ولم يصدرمنه ما يوجب إباحة دمه وعرضه (ص49). نعم، كره بعض العلماء أن يستقبل المصلي القبر في صلاته، لكن لو صلَّى وعن يمينه أو شماله قبر، فلا يستلزم كون القبر مسجداً، حتى لو كان في قبلة المصلي؛ لأنّ المنهي عنه جعله قبلة يُسجد إليه...(ص63).
كذلك أفتى الوهابيون بحرمة مسح الضرائح الشريفة، وخصوصاً حجرة النبي الأكرم(ص)، أو الطواف بهاوتقبيلها والتمسُّح بها، وقد ردَّ المؤلّف على هذا التحريم مؤكداً أنّ مقتضى الأصل في الجميع هو الحلّ و الإباحة حتى يقوم الدليل على المنع والتحريم، ولا دليل للمانعين هنا - حسب المؤلف - إلاَّ خيالات باطلة وأوهام عاطلة و وساوس شيطانية وتسويلات إبليسية يلهمها بسطاء الأمة وسذج الرعاع ليغويهم بها فيحرمهم من البركات والخيرات ونيل القربان(ص81).
وقد ثبت أنّ فاطمه(عليها السلام) جاءت إلى قبر أبيها، فأخذت قبضة من التراب فوضعته على عينيها وبكت. وروى ابن عساكر أنّ بلالاً جاء قبر النبي(ص) فجعل يبكي و يمرّغ وجهه على القبر، كان ذلك بمحضر من الصحابة، فلم ينكر عليه منهم أحد، وقد كان جُلّ الصحابة وأئمة المذاهب يتمسّحون بمنبره الشريف تبركاً و يقبِّلونه، وما ذاك إلا لأنه محل جلوسه وموضع حلوله،