17
الاجتهاد والمجتهدون
كان مسار التعبّد هو المسار الصحيح الذي أراده اللّٰه لعباده المؤمنين ، أن يؤمنوا باللّٰه ورسوله ، ويتّبعوا خطوات الرسول وأوامره ، وينتهوا عن زواجره ونواهيه ، وأن ينقادوا له انقياد طاعة وامتثال دون إعمال للآراء الشخصية أو تأثّر بالآراء الموروثة ، لكنّ الواقع المحسوس آنذاك ظلّ ينبئ عن وجود صحابة كانوا يسمحون لأنفسهم بتخطئة الرسول والوقوف أمام أقواله وأفعاله ، ولم يكن ذلك بدعاً في الديانات ، لأنّ القرآن الكريم والسنة المباركة أخبرانا أنّ ذلك سنة التاريخ في الديانات السالفة ، فقد آمن الناس بأنبيائهم ، وكان منهم الخصيصون والمقربون والحواريون ، كما كان هناك المكذّبون بهم ، وكانت هناك طائفة أخرى من الّذين آمنوا بالأنبياء لكنّهم اختلفوا ولم يفهموا ما يأتيهم به أنبياؤهم على وجهه الصحيح أو فهموه لكن كانت لهم فيما فهموه أهواء . . . تمّ آراء . . . ثمّ أخطاء!
وكيفما كان ، فإنّ القرآن المجيد كشف لنا بلا ريب عن وجود صحابة أسلموا وآمنوا باللّٰه والرسول ، لكنّهم ظلّوا على قسطٍ وافر من عدم التعبّد ، وعدم إدراكهم لقداسة الرسول صلى الله عليه و آله ومدى دائرة وجوب إطاعته ، إذ كانوا يعاملونه في بعض الأحيان كأدون الناس شأناً ، وكانوا يعارضونه ويعترضون عليه ، ويرفَعون أصواتهم فوق صوته ، الى غير ذلك!
وقد وضّح القرآن وعالج الكثير من تلك الحالات غير المسؤولة ، فقال سبحانه : «وَ مٰا كٰانَ لِمُؤْمِنٍ وَ لاٰ مُؤْمِنَةٍ إِذٰا قَضَى اللّٰهُ وَ رَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَ مَنْ يَعْصِ اللّٰهَ وَ رَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاٰلاً