72العتيق الذي هو أوّل مسجد وضع لعموم الناس يعبدون اللّه فيه ، وبوّأه مكانه أي أرشده إليه ودلّه عليه ، ثمّ قال ابن كثير : ومن تمسّك في هذا بقوله تعالى : «مَكٰانَ الْبَيْتِ » 1فليس بناهض ولا ظاهر ؛ لأنّ المراد مكانه الكائن في علم اللّه ، المعظم عند الأنبياء موضعه من لدن آدم إلى زمن إبراهيم عليه السلام ، وقد ذكر أنّ آدم نصب عليه قبّة ، وأنّ الملائكة قالوا له : قد طفنا قبلك بهذا البيت ، وانّ السفينة طافت به أربعين يوماً أو نحو ذلك ، وكل هذه اخبار عن بني اسرائيل ، وهي لا تصدّق ولا تكذّب » ، انتهى .
قال ابن ظهيرة : « أقول : فعلى هذا يكون بناء البيت ثلاث مرّات : الأوّل : بناء الخليل ، الثاني : بناء قريش ، الثالث : بناء ابن الزبير والحجاج ؛ لأنّ بناء الخليل ثابت بنصّ الكتاب ، وبناء قريش ثابت في صحيح البخاري وغيره ، وبناء ابن الزبير والحجاج ذكره عامّة المفسرين وأهل التواريخ وغيرهم من العلماء .
ويحتمل أن يقال : إنّها بنيت أربع مرّات : بناء الملائكة وآدم عليه السلام معاً في آن واحد ، ويشهد له ما حكي عن ابن عبّاس في سبب بناء آدم وهو مجرّد تأسيس .
الثاني والثالث : بناء الخليل ، وبناء قريش . الرابع : بناء ابن الزبير والحجاج .
فيكون البناء الأوّل والرابع مشتركاً .
ثمّ على القول إنّ بناء الملائكة وبناء آدم في وقتين ، فهو تأسيس أيضاً كما ذكره الفاسي في شفاء الغرام ، لا بناء مرتفع كغيره من الأبنية ؛ لانّه حينئذٍ يحتاج إلى معرفة السبب في نقض الملائكة بناء آدم ، أو نقض آدم بناء الملائكة ، ولم أر أحداً