13ولقد كانت قبل ذلك غامضة مبهمة ، ولقد تحمل بحر العلوم في ذلك مشاقّ كبيرة كانت ثمارها أن يؤدي الحجيج اليوم مراسم الحج وشعائره بطمأنينة وفراغ بال ، كما تمكن من استبدال الحجارة المعدنية المحيطة بالكعبة بحجارة أخرىٰ يصح السجود عليها وفقاً للمذهب الجعفري ، وهو أمرٌ في غاية الأهمية يعزز من أواصر الوحدة بين جميع المسلمين .
لقاؤه بامام جمعة مكة :
كان امام مكة المكرمة علىٰ درجة كبيرة من الزهد والتقوىٰ والصلاح ، وقد بلغ من زهده انّه كان يؤدّي صلاته ثم يعود إلى منزله لا يلوي على شيء ، فلم يكن ليتحدث إلى شخص أو يتوقّف في مكان ، وكان يعدّ من علماء الحجاز المعدودين .
وقد صلّىٰ خلفه السيد بحرالعلوم ذات مرّة ثم رافقه في عودته الىٰ منزله ، فدعاه امام الجمعة إلىٰ بيته وقاده إلىٰ مكتبته ، فسأله السيد عن الكتب التي توجد فيالمكتبة ، فأجابه امام الجمعة : انّها تحوي مالذّ وطاب .
فسأله بحر العلوم عن بعض كتب أهل السنة ؛ فأجابه الرجل بالنفي ، فقال السيد : ان لأبي حنيفة كتاباً في الرجال ، فهل يوجد لديك ؟ فقال العالم الحجازي :
للأسف انّه لا يوجد ، ولكني رأيته من قبل .
فقال السيد : يقول أبوحنيفة في هذا الكتاب انّه تتلمذ علىٰ يد الامام الصادق عليه السلام ، وانّه كان يتعلّم منه سبعين مسألة كل يوم ، ثم أردف السيد متعجباً :
كم يبلغ - اذن - علم جعفر بن محمد الصادق لكي يقول فيه رجل مثل أبي حنيفة ذلك ؟ !