6والتجرد عن الملابس والأزياء القومية والوطنية،وتحريم الجدال في الحج يحمل معنى محاولة الحاج للتحرر من (الأنا) وتحريم ممارسة العلاقة الجنسية يحمل معنى محاولة التحرر من (الهوى) في هذه الرحلة،ولو كان بصورة رمزية.
و هما يحملان واحدة من أعظم معارف الحج،وهي أنّ التحرر من سلطان الأنا والهوى،(و ليس من الأنا والهوى) هو الشوط الأول من الطريق...وليس يتأتَّى للعبد أن يسلك الطريق الصعب إلى الله،وهو يخضع لسلطان الأنا والهوى.
و تتمّ هذه الرحلة بصورة جماعية،فلا يُقْبل ضيوف الرحمان على الله في هذه الرحلة فرادى،وإنما يقبلون على الله مجتمعين في مكان واحد وزمان واحد.
و هي عبادة ورحلة فريدة في نوعها،فلستُ أعرف عبادة يجمع المستطيعين للعبادة،من كل أقاليم الأرض من الموحّدين،في مكان واحد وزمان واحد،غير هذه العبادة.
و كلما يكون الاقبال على الله جمعيّاً،يكون القبول من الله تعالى لعباده أسرع وأكثر؛فيتقبّل الله تعالى المسيئين منهم بمن أحسن،وضعفائهم بأقويائهم.
ففي رحلة الصلاة فنقول كل يوم عشرة مرات: (B إِيّٰاكَ نَعْبُدُ وَ إِيّٰاكَ نَسْتَعِينُ ) فنعرض على الله عبادتنا ضمن عبادة عباده الصالحين بصورة جمعيّة؛هكذا (نعبد) ونطلب من الله الاستعانة،ضمن طلب الصالحين من عباده للاستعانة؛هكذا (نستعين)،فإنّ الله تعالى لايرد عبادة الصالحين من عباده،ولايرد طلب الاستعانة من عباده الصالحين،وهو تعالى أكرم من أن يبعّض الصفقة الواحدة من الطلب،فيتقبّل البعض ويَرُدّ البعض.
ونحن نقدم عبادتنا لله،واستعانتنا به،صفقة واحدة مع سائر عباده،وهكذا (B إِيّٰاكَ نَعْبُدُ وَ إِيّٰاكَ نَسْتَعِينُ ) .
و كذلك في رحلة الحج يقف الحجاج كلهم جميعاً في عرفة،في مكان واحد