55
ثانياً: تعدد أسباب النزول
إن الذي يشهد على عدم صحة كلام ابن كثير، هو أن الآية أو السورة قد يتكرر نزولها أكثر من مرة؛ لأسباب كثيرة، كتعظيم شأنها، أو تعدّد أسباب نزولها أو نحو ذلك.
وقد صرّح العلماء بذلك في مباحث علوم القرآن، قال الزركشي في كتابه (البرهان) : «وقد ينزل الشيء مرتين تعظيماً لشأنه، وتذكيراً به عند حدوث سببه، خوف نسيانه؛ وهذا كما قيل في الفاتحة نزلت مرتين، مرة بمكة وأخرى بالمدينة» 1.
ثم استشهد الزركشي على صحّة مقالته ببعض الأمثلة، حيث أورد جملة من الآيات التي ورد سبب نزولها في الصحيحين بنحو، وفي المجامع الحديثية الأخرى بنحو آخر، قال الزركشي: «ومثله ما في الصحيحين، عن ابن مسعود في قوله تعالى: وَ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ أنها نزلت لمّا سأله اليهود عن الروح، وهو في المدينة، ومعلوم أن هذه في سورة (سبحان) 2وهي مكّية بالاتفاق، فإن المشركين لما سألوه عن