27الدليل مرشداً لطريقه ، فأنَّى يوجهه يختار ، ولا ينبغي له أن يوجه هو الدليل ويُكيِّفُه ويُطوِّعه كما يشاء ، فإنَّ هذا هو الانحياز ، وعدم الحياد العلمي بأن تجعل الدليل طوع هواك وطبق رؤاك ، وهو أمر ممقوت من كل أحد ، ولذا نقول: قد صحَّت الآيات بأنَّ الرسول جاء لتزكية المدعوِّين ولتعليمهم وتربيتهم ، وقد فعل ما كُلِّف به وأدَّى ما حُمِّل، ولكنوردت روايات تاريخيَّة موثقة أوأحاديث مصححة ممَّن لا يمكن الطعن عليه فيها ، وهي تثبت أنَّه قد صدر من بعض أولئك الصحابة ما يخالف تلك التربية التي أداها النبي صلى الله عليه و آله بل ما يخالف الدين كلاًّ ، والعقل السليم ، فيلزمنا أحد أمرين:
إمَّا أن نقول - والعياذ باللَّه - إنَّ الرسول قد علَّمهم وربَّاهم على ذلك الأمر المشين . وهذا هو الكفر بعينه ، كما هو بعيد عن ساحة قدسه صلى الله عليه و آله .
وإمَّا أن نقول بأنَّ ما صدر منهم إنَّما هو من فعلهم الخاصّ بهم ، والذي لم ينصَّ عليه النبي صلى الله عليه و آله بل لايرتضيه ، وهو مخالف لما أراده صلى الله عليه و آله 1.
ولا شكَّ أن لازم القول الأوّل رمي النبي صلى الله عليه و آله بالنقص ، ونسبة عدم حسن تبليغ الرسالة إليه ! وهذا ينافي الآيات والروايات