26عنه بتلك الصيغة والخصوصية كالتعبير بوجوب حجة الإسلام بقوله تعالى: «لِلّٰهِ عَلَى اَلنّٰاسِ» ليس إلاّ لإفادة كونه ديناً على المكلف، فلو مات الناذر يكون على عهدته وكالدين يؤدَّىٰ من تركته.
اُورد عليه: بأن هذا يتم لو كان مفاد قول الناذر: «للّٰه عليَّ» جعلَ حق وضعي له سبحانه، بدعوى أن الظاهر من اللام كونها للملك، ومن الظرف كونه مستقراً، نظير قولك: «لزيد عليّ مال» فمقتضى أدلة نفوذ النذر وصحته هو ثبوت مضمونه، فيكون فعل المنذور ملكاً له تعالى نظير ملك المستأجر لفعل الأجير، وديناً عليه كسائر الديون المالية يؤدى من تركته إن مات أو عجز عنه، وأما إذا كان مفاد النذر مجرد الالتزام بالمنذور بأن يكون معنى «للّٰه عليّ كذا» : التزمت للّٰهعليّ فيكون اللام متعلقة بالتزمت والظرف لغو، فليس هناك ما يقتضي ثبوت حق له تعالى، فلا موجب لإطلاق الدين عليه إلاّ على سبيل التجوز كسائر الواجبات الشرعية، إلا أن يقال بقول السيد: إن جميع الواجبات الإلٰهية ديون للّٰهتعالى، سواء كانت مالاً أو عملاً مالياً أو غير مالي، ولذا جاء في بعض الأخبار: «دين اللّٰه أحق أن يقضى» .
وفيه أن الوجوب إما يكون متعلقاً بفعل ابتداءً كصلاة الظهرمثلاًأو صيام شهر رمضان، فهذا وإن كان يشتغل ذمة المكلف بأدائه إلاّ أنّه مستقلّ لم ينتزع من اعتبار أمر وضعي عليه، فليس عليه إلا أداؤه، وإن فات منه لا شيء عليه ولا قضاء له. وإمّا يكون الواجب منتزعاً من الوضع كما إذا اعتبر أمر أولاً في عهدة المكلف، ثم ينتزع من ذلك وجوب أدائه ففي مثل ذلك عليه القضاء إن فاته.
وبعبارةٍ اُخرى: إذا كان التكليف منشأً لانتزاع الأمر الوضعي فما ينتزع منه من اشتغال الذمة به لا يوجب القضاء، وإذا كان الوضع منشأً لانتزاع التكليف فيجب القضاء بالنسبة إليه، أي إلى الوضع.