44حياته . وإذا كان الشهداء أحياءً لأجل استشهادهم في سبيل دين اللّٰه الذي جاء به النبي الأكرم ، فهل يُتصوّر أن يكون الشهداء أحياءً ، ولا يكون النبيّ - الأفضل - القائد حيّاً ، وهذا ما لا تقبله الفطرة السليمة ، وأيّ مسلم لهج بخلافه فانّما يلهج بلسانه وينكره بقلبه وعقله .
ب - هذا هو حبيب النجار لم يكن له شأن سوى أنّه صدق المرسلين ولقى من قومه أذىً شديداً حتى قضى نحبه شهيداً . فنرى أنّه بعد موته خوطب بقوله سبحانه : «قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ» ثم إنّه بعد دخوله الجنة يتمنّى عرفان قومه مقامه ومصيره بعد الموت فيقول : «قٰالَ يٰا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِمٰا غَفَرَ لِي رَبِّي وَ جَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ » فهو يتمنّى في ذلك الحال لو أنّ قومه الموجودين في الدنيا علموا أنّه سبحانه غفر له وجعله من المكرمين ، يتمنّى ذلك لأجل أن يرغب قومه في مثله وليؤمنوا لينالوا ذلك .
فمن المعلوم أنّ الجنة التي حلّ فيها حبيب النجار كانت قبل يوم القيامة ، بشهادة أنّه تمنّى عرفان أهله مقامه وكرامة اللّٰه عليه وهم على قيد الحياة الدنيوية ، وإن لحقهم العذاب بعد ذلك ، قال : «وَ مٰا أَنْزَلْنٰا عَلىٰ قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّمٰاءِ وَ مٰا كُنّٰا مُنْزِلِينَ* إِنْ كٰانَتْ إِلاّٰ صَيْحَةً وٰاحِدَةً فَإِذٰا هُمْ خٰامِدُونَ » (يس28/ - 29) فإذا كان الشهداء والصالحون - أمثال حبيب النجار المصدِّق للرسل - أحياءً يرزقون فما ظنّك بالأنبياء والصدّيقين المتقدّمين على الشهداء ، قال سبحانه : «وَ مَنْ يُطِعِ اللّٰهَ وَ الرَّسُولَ فَأُولٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّٰهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَدٰاءِ وَ الصّٰالِحِينَ وَ حَسُنَ أُولٰئِكَ رَفِيقاً » (النساء69/) فلو كان الشهيد حياً يرزق فالرسول الأكرم الذي ربّى الشهداءَ واستوجب لهم تلك