22شعب أو هوية دون هوية ، بل هو لجميع الناس الذين يرفعون شعار (لا إله إلا الله محمد رسول الله ) . وهو أوسع نطاقاً للمسلمين من صلاة الجمعة والعيدين ، يجتمع فيه المسلمون من مشارق الأرض ومغاربها ، في مكان مقدس بتوقيت معين تجمعهم كلمة التوحيد ، وتظللهم أجواء قدسية فريدة لأداء عمل واحد موحد .
ونحن لا نشك في أنّ هذا الحج وبهذه المواصفات التي ذكرناها آنفاً ، هو المغزى الحقيقي للحج الذي أراده اللّٰه تعالىٰ والقرآن الكريم والإسلام الحنيف ، ولا نعتقد أن أي حج آخر مهما كان صاحبه مخلصاً فيه يحقق هذه الغاية والأرضية الإلهية في آنٍ واحد ، وهذه حقيقة يجب أن نعرفها ونفرق بها بين حجنا - نحن المسلمين - وأنواع الحج الأخرى المعروفة في التاريخ القديم والحديث .
المغزى الروحي والأخلاقي
والمغزى الروحي يتجسّد في الرحلة الشيقة إلى بيت اللّٰه الحرام ، وما يرافقها من سمو أخلاقي عظيم يرفع الفرد المكلف إلى أعلىٰ درجات الكمال النفسي والروحي مع خالقه العظيم من خلال الأدعية والخوف من الخالق عزوجل وتذكر يوم النشور والحشر ، والخشية من اللّٰه تعالىٰ والبكاء والتضرع ، وانتظام الجسم في الطواف ، والإسراع في بعض مراحل السعي والطواف ، كلّها تساهم في عملية سمو الروح والأخلاق ، خصوصاً عندما يشعر الفرد أنّه مع ناس يخافون الخالق ويهابونه في بيته ، وكأنهم حُشروا إليه ونُشروا للحساب . وتسمو الأخلاق؛ لأنّ تعاليم الحج تفرض عليه عدم الرفث والفسوق والجدال ، والامتناع عن أذى الحيوانات وتحريم صيدها وتحريم قتل هوام الجسد ، وغيرها من الأفعال العبادية والتروك والالتزامات الشرعية في أداء فريضة الحج .
كلّ هذه التعابير الجسدية وسيلة من وسائل انتظام الروح والخُلق وسموها