21وبث كربه ودعا وتضرع لينال مأربه ومراده .
إذن ، فللحج مغازٍ شتىٰ ، مادية وأخرىٰ معنوية ، وقد أكد القرآن الكريم ذلك بقوله تعالىٰ : لِيَشْهَدُوا مَنٰافِعَ لَهُمْ 1 وقد فسَّر بعضهم هذه الآية الشريفة ، قائلاً :
إنها منافع دنيوية . . وفسّرها آخرون بأنها منافع أخروية ، وفريق ثالث أكّد أنها منافع دنيوية واُخروية معاً ، ومن بينهم نأخذ رأي العلامة الطباطبائي في تفسيره للآية ، قال : «وقد اطلقت المنافع ولم تتقيد بالدنيوية أو الأُخروية ، والمنافع نوعان:
منافع دنيوية وهي التي تتقدم بها حياة الإنسان الاجتماعية ويصفو بها
العيش ، وترفع بها الحوائج المتنوعة ، وتكمل بها النواقص المختلفة من أنواع التجارة والسياسة والولاية والتدبير ، وأقسام الرسوم والآداب والسنن والعادات ، ومختلف التعاون والتعاضد الاجتماعي وغيرها .
ومنافع أُخروية وهي وجوه التقرب إلى اللّٰه تعالىٰ بما يمثل عبودية الإنسان
من قول وفعل ، وعمل الحج بما له من المناسك يتضمن أنواع العبادات من التوجه إلى اللّٰه وترك لذائذ الحياة وشواغل العيش والسعي إليه بتحمل المشاق ، والطواف حول بيته والصلاة والتضحية والإنفاق والصيام وغير ذلك» 2 .
والحج مع كلّ هذا يُنبئُ عن كيان وحضارة وقيام الأمة التي ترتبط فيما بينها بروابط الهدف الواحد والقصد والزمان المعلومين ، فإذا كانت الأمة ملتزمة بشريعة السماء ، اتجهت الوجهة الصحيحة وإلّا انحرفت إلى أماكن تَدَخّلَ الهوىٰ والخيالُ في ارتيادها .
والحج الذي فرضه اللّٰه تعالىٰ هو الذي يحقق المنافع المذكورة فهو اجتماع عظيم ، وسياسي ، وديني ، وعبادي ، واقتصادي ، وإلهي عالمي عام لا يختصّ بشعب دون