34«كان عمرو بن لحي» أوّل من أدخل الوثنية إلى مكّة ونواحيها ، فقد رأى في سفره إلى البلقاء من أراضي الشام اناساً يعبدون الأوثانَ وعندما سألهم عمّا يفعلون قائلاً :
ما هذه الأصنام التي أراكم تعبدونها؟
قالوا : هذه أصنام نعبدها فنستمطرها فتمطرنا ، ونستنصرها فتنصرنا!
فقال لهم : أفلا تعطوني منها فأسير به إلى أرض العرب فيعبدونه؟
وهكذا استحسن طريقتهم واستصحب معه إلى مكة صنماً كبيراً باسم «هبل» ووضعه على سطح الكعبة المشرّفة ، ودعا الناس إلى عبادتها 1 .
إذن فاستمطار المطر من هذه الأوثان والاستعانة بها يكشف عن أنّ بعض المشركين كانوا يعتقدون بأنّ لهذه الأوثان دخلاً في تدبير شؤون الكون وحياة الإنسان .
نتيجة البحث
إذا عرفنا أنّ مقوّم العبادة عبارة عن اعتقاد السائل والخاضع والداعي أو المنادي بأنّ المسؤول والمخضوع له «إلٰه» و «ربّ» يملك شيئاً ممّا يرجع إليه في عاجله أو آجله ، في مسيره ومصيره ، وإنّه يقوم بذلك لكونه خالقاً أو مفوَّضاً إليه من قبل الخالق ، فيقوم على وجه الاستقلال والأصالة ، تستطيع أن تقضي في الأعمال التي يقوم بها اشياع الأنبياء ومحبّوهم ، بأنّها ليست عبادة أبداً وإنّما هي من مصاديق التكريم والاحترام وإن بلغت نهاية التذلّل ، لأنّها لا تنطلق من اعتقاد الخاضع بإلوهية النبي ، ولا ربوبيته بل تنطلق عن الاعتقاد بكونهم عباد اللّٰه الصالحين ، وعباده المكرمين الذين لا يعصون اللّٰه وهم بأمره يعملون ، نظير :