204 - أقصى غاية الخضوع .
وليس على أديم الأرض من لا يتذلّل أو لا يخشع ولا يخضع لغير اللّٰه سبحانه وإليك بيان ذلك :
* * *
ليست العبادة نفس الخضوع أو نهايته
إنّ الخضوع والتذلّل حتّى إظهار نهاية التذلّل لا يساوي العبادة ولا يعدّ حداً منطقياً لها ، بشهادة أنّ خضوع الولد أمام والده ، والتلميذ أمام أُستاذه ، والجنديُّ أمام قائده ، ليس عبادة لهم وإن بالغوا في الخضوع والتذلّل حتّى ولو قبّل الولدُ قدمَ الوالدين ، فلا يعد عمله عبادة ، لأنّ اللّٰه سبحانه يقول : «وَ اخْفِضْ لَهُمٰا جَنٰاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ » 1.
وأوضح دليل على أنّ الخضوع المطلق وإن بلغ النهاية لا يعدّ عبادة هو أنّه سبحانه أمر الملائكة بالسجود لآدم وقال : «وَ إِذْ قُلْنٰا لِلْمَلاٰئِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ» 2وآدم كان مسجوداً له ككونه سبحانه مسجوداً له ، مع أنّ الأول لم يكن عبادة وإلّا لم يأمر بها سبحانه ، إذ كيف يأمر بعبادة غيره وفيالوقت نفسه ينهى عنها بتاتاً في جميع الشرائع من لدن آدم عليه السلام إلى الخاتم صلى الله عليه و آله ، ولكن الثاني - أي الخضوع للّٰه- عبادة .
واللّٰه سبحانه يصرّح في أكثر من آية بأنّ الدعوة إلى عبادة اللّٰه سبحانه ، والنهي عن عبادة غيره ، كانت أصلاً مشتركاً بين جميع الأنبياء ، قال سبحانه : «وَ لَقَدْ بَعَثْنٰا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللّٰهَ وَ اجْتَنِبُوا الطّٰاغُوتَ » 3وقال سبحانه : «وَ مٰا