235الرّجل و أحصر على ما لم يسمّ فاعله، قال ابن السكّيت أحصره المرض إذا منعه من السّفر أو من حاجة يريدها، قال اللّه تعالى «فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ» ثمّ قال: و قد حصره العدوّ يحصرونه إذا ضيّقوا عليه و أحاطوا به، و حاصروه محاصرة، و حصرت الرّجل فهو محصور أي حبسته قال و أحصرني بولي و أحصرني مرضي: أي جعلني أحصر نفسي قال أبو عمرو الشيبانيّ حصرني الشيء و أحصرني أي حبسني فقد علم أنّه في الأصل المنع عن الشيء مطلقا سواء كان المانع المرض أو العدوّ، و لكنّ الظاهر ممّا قيل في سبب نزوله من أنّه نزل في الصدّ في الحديبيّة و قوله تعالى «فَإِذٰا أَمِنْتُمْ» أنّ المراد به هنا هو الصدّ بالعدوّ، و قوله «حَتّٰى يَبْلُغَ اَلْهَدْيُ مَحِلَّهُ» يدلّ على أنّه بالمرض إذ البعث إنّما هو في المرض عند أصحابنا و أمّا حكم الصدّ بالعدوّ، عند أصحابنا و الشافعيّ فهو الدّبح موضع الصدّ، كما بيّن في الفقه، و نقل من فعله صلى اللّه عليه و آله ذلك في الحديبيّة، و هي من الحلّ على ما قالوا، و حمل الآية على بلوغ الهدي موضعا يحلّ و يبيح ذبحه فيه، حلاّ كان أو حرما، كما هو مذهب مالك و الشافعيّ بعيد جدّا لأنّه تصير لفظة حتّى و البلوغ لغوا و كذا المحل لحصول الإجمال مع الزيادة، إذ المناسب حينئذ الاختصار على «فَمَا اِسْتَيْسَرَ مِنَ اَلْهَدْيِ» أو يضمّ إليه «فيه» يعني فعليكم ذبح هدي ميسّر في ذلك المكان حينئذ و أمّا عند أبي حنيفة فلا فرق بينهما، و محلّ الهدي هو الحرم و زمانه متى شاء فالبعث متحقّق عنده فيهما في بعض الأوقات بأن يكونا في الحلّ لا في الحرم، فيرد عليه أيضا الإشكال الّذي ورد على الشافعيّ في الجملة على أنّه ينافيه فعله صلى اللّه عليه و آله في الحديبيّة بناء على أنّه من الحلّ على ما قالوه.
و أما أصحابنا فكأنّهم يجعلونه مخصوصا بالمرض، و ما يسلّمون سبب النزول و يجعلون «أمنتم» بمعنى أمنتم من المرض فقط أو العدوّ أيضا و إن لم يكن منع العدوّ مذكورا بخصوصه و يجعلون مكان الهدي في العدوّ موضعه و زمانه زمان إرادة التحليل قبل أن يفوت الحجّ و يخصّون ذلك باسم الصّدّ سواء كان في الحجّ أو العمرة، و في المرض: منى، يوم النحر إن كان حاجّا و مكّة، الساعة الّتي و عدهم فيها إن كان