178و قد تقدم القول بأن الذبح مثله مثل العهد و ما يراق من الدم عنه مثله مثل إزالة الشك عن المعاهد، فما احتاج إليه من يسوقهم من الأئمة و أسبابهم من الانتفاع بهم و الأخذ لما يجب من أموالهم انتفع بذلك و أخذه من حقه منهم من له ذلك غير مضر بهم و لا مجحف لهم به، و أما تأويل جملة شعائر الحج التى هى شعائر اللّه التى ذكرها عز و جل فى كتابه و نسبها إليه، فهى كما ذكرنا من قول أصحاب اللغة مناسك الحج و معالمه و مواقفه، كما قال جل من قائل: «إِنَّ اَلصَّفٰا وَ اَلْمَرْوَةَ مِنْ شَعٰائِرِ اَللّٰهِ» 1و قال:
«فَاذْكُرُوا اَللّٰهَ عِنْدَ اَلْمَشْعَرِ اَلْحَرٰامِ» يعنى موقف المزدلفة، و لهذه المواقف و المعالم فى الباطن أمثال باطنة فعظم اللّه سبحانه من ذلك ما ظهر و ما بطن، كما كذلك يكون كل ممدوح أو حلال فى الظاهر ممدوحا كذلك أو حلالا فى الباطن، و كل مذموم أو حرام فى الظاهر مذموما كذلك أو حراما فى الباطن، و سيأتى ذكر أمثال الشعائر عند ذكر المشاعر إن شاء اللّه.
و يتلو ذلك ما جاء عن الصادق جعفر بن محمد (صلع) أنه قال فى الهدى يعطف و ينكسر قال ما كان فى نذر أو جزاء فهو مضمون، عليه فدائه و إن كان تطوعا فلا شىء عليه، و ما كان مضمونا لم يأكل منه إذا نحره و يتصدق به كله، و ما كان تطوعا أكل منه و أطعم و تصدق، فهذا هو الواجب فى ظاهر الحكم فى الهدى الذى يسوقه الحجيج لينحروه بمنى، و تأويل ذلك فى الباطن، و قد تقدم القول به من أن مثل الهدى الذى يساق فى الحج مثل الذين هم فى حكم أهل دعوة الحق ممن لم يستجب بعد إليها و لم يؤخذ عليه ميثاقها، فيكون من جملة أهلها و أهل هذه الطبقة على ضروب فى أحوالهم، فمنهم النافر الشارد عن الحق لا يصغى إليه و لا يميل نحوه، و منهم من يبحث عنه و يفحص عن علمه و يسأل عن أسبابه، و منهم من قد أصغى إليه و قرب من الدخول فى جملة أهله و عومل فى الظاهر بعض المعاملة و كوسر بالاحتجاج عليه و البيان له، فمثل هذا الضرب منهم مثل الموجوب من الهدى، و الموجوب منه ما أشعر و قلد و جلل، و قد تقدم القول ببيان ذلك و المضمون من الهدى ما كان فى نذر أو جزاء عن صيد أو تمتع بالعمرة إلى الحج، و سيأتى بيان ذلك و شرحه و أمثاله فى الباطن فى باب الجزاء عن الصيد و النذر و المتعة، فيما يأتى