177اليقين الذى يتحد فيه غاية العقل النظرى و غاية العقل العملى فيصير الشهود هناك بعينه قدرة و العلم بنفسه عملا و المعرفة بذاتها مصدرا و لا يتخلف عنه شيء من عمل صالح و لا يشذ منه شيء من ادب حسن فيصير هو اى اليقين حينئذ بنفسه خلقا عظيما اذ لا ميز هناك بين الشهود و العمل اذا لخلق العظيم لا يتحقق بدون الشهود كما ان العمل الصالح و الادب الطيب لا ينفك عن الشهود بل الشاهد هو بنفسه من الذين عند ربك لاٰ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبٰادَتِهِ وَ لاٰ يَسْتَحْسِرُونَ ، فالشاهد المتيقن هو العابد فهو المتخلق بخلق عظيم لا يعبد اللّه خوفا من ناره و لا شوقا الى جنته بل حبا له تعالى و هذا هو المقام المكنون الذى لاٰ يَمَسُّهُ إِلاَّ اَلْمُطَهَّرُونَ .
فاذا تحصل ان العبادة تورث اليقين و ان الحج عبادة خاصة يلزم البحث عن كيفية كونه مورثا لليقين الذى هو الخلق العظيم الذى يتحد هناك الخلق و المتخلق فيصير هو أيضا كما ورد عن «الصادق عليه السلام انه من تعلم العلم و عمل به و علمه للّه دعى في ملكوت السماوات عظيما» يعنى ان العالم العامل المعلم اذا كان جميع هذه الشؤون التى اتصف بها اللّه يدعى في باطن السماوات عظيما و كم فرق بين من هو عظيم و من له فوز عظيم و اجر عظيم و فضل عظيم و كم فرق بين من هو مندوب الى قوله تعالى «وَ اَللّٰهُ خَيْرٌ وَ أَبْقىٰ» و من هو مندوب الى قوله تعالى «وَ مٰا عِنْدَ اَللّٰهِ خَيْرٌ وَ أَبْقىٰ» و كم فرق بين من هو صالح و بين من عمله صالح اذا الصالح هو الذى يتولاه اللّه الذى هُوَ يَتَوَلَّى اَلصّٰالِحِينَ و اما الذى يعمل صالحا فهو بعد ممن يتولى اللّه و كم فرق بين من هو خالص و يستخلصه اللّه لنفسه فهو من المخلصينبالفتحو من عمله خالص و هو من المخلصينبالكسر.