165
«وَ أَذٰانٌ مِنَ اَللّٰهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى اَلنّٰاسِ يَوْمَ اَلْحَجِّ اَلْأَكْبَرِ أَنَّ اَللّٰهَ بَرِيءٌ مِنَ اَلْمُشْرِكِينَ وَ رَسُولُهُ»
1
و يمكن ان نشير اليه اجمالا حيث يحين حينه.
فتحصل ان الحج بما له من السنن الخاصة التى تمثلت للأنبياء هو بنفسه و حى ممثل فهو من اهم مظاهر الإسلام و صالح لتحقق الاصلين المارين من الكلية و الدوام و لذا جرى لخاتم الانبياء ما جرى لإبراهيم عليه السلام و قبله لآدم عليه السلام فليس الحج شرعة خاصة و منسكا مخصوصا يختص بشعب دون شعب او عصر دون عصر بل هو كلى دائم حسبما قرر في بيان كون الكعبة اول بيت للناس و قِيٰاماً لِلنّٰاسِ و مثابة و امنا للناس و كون الحج مفروضا على الناس و اذان ابراهيم عليه السلام متجها نحو الناس و كون المسجد الحرام سَوٰاءً اَلْعٰاكِفُ فِيهِ وَ اَلْبٰادِ و كون الحج معيارا لحساب السنين و الاعوام حيث كانوا يرقمونها به كما يشهد له قوله تعالى: «عَلىٰ أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمٰانِيَ حِجَجٍ» 2حيث جعل الحج معيارا لعد السنين فعبر عن ثمانى سنين بثمانى حجج لان في كل سنة حجا واحدا و اشتهارها به يوجب عدها به و جعله ميزانا لها.
و بعد الاحاطة بما ذكر و العثور على ما دارج بين الاقوام و الملل كهند و فارس و كلدان و اليهود من تكريم الكعبة و السفر اليها و زيارتها بنحو من الانحاء و بعد التنبه لما في التعبير عن مكة به (بكة) الدال على الزحام و التراكم و المجتمع العام يتجه معنى قوله تعالى: «إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنّٰاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبٰارَكاً وَ هُدىً لِلْعٰالَمِينَ» 3حيث جعل ذلك امرا عالميا يشمل جميع الشعوب و الاقطار و الامصار و الاعصار.