25
منحصرا في العبد، و ليس المولى مقصرا في عدم أمره بتحصيل المقدمات و تهيئة الأسباب.
فالعبد هو المفوت للملاك الذي هو روح الحكم و قوامه، فلا محيص في أن يكون تساهله في عدم تحصيل المقدمات محكوما عند العقل بالقبح و الاستحقاق للعقاب. هذا.
أما اذا كان الآمر و المولى عالما و ملتفتا الى الموضوع و خصوصيات الأحوال و عارفا بأن الملاك سيتم، و مع تماميته في الحال أو فيما يأتي و أنه هو الملاك الملزم و مع ذلك كله كف نفسه عن الأمر بتحصيل المقدمات مع عدم مانع من أمره و عدم مقتض للكف عنه، و حينئذ لم يكن سبب تفويت الملاك منحصرا في العبد، بل السبب للتفويت هو نفس المولى من جهة امكانه للأمر و لم يأمر و كف نفسه عن الأمر، فالمفوت للغرض و الملاك إما يكون منحصرا بالمولى نفسه أو يكون المفوت للغرض في المرحلة الأولى هو المولى و في المرحلة الثانية هو العبد.
و في هذا الفرض يشكل الاطمئنان بحكم العقلاء بكون العبد مستحقا للعقاب، فان المولى هو الذي فوّت الملاك الملزم على نفسه، فلا يكون العبد مقصرا في ذلك، بل له أن يعتذر بعدم الأمر من المولى مع علمه و التفاته الى الموضوع و الى خصوصياته مع وجود جميع شرائط الحكم، فانه كان عليه أن يأمر، لفرض تمامية ملاك حكمه و عدم المانع له.
مثلا إذا فرضنا أن المولى حاضر في محل الحادثة و ابتلي ابنه بالغرق أو الحرق و كان ذلك بمرأى الوالد و مع ذلك لم يأمر العبد بانقاذه، أو هو عالم و ملتفت بأنه بعد ساعات يعطش عطشا شديدا و لا يوجد الماء في تلك الساعة و لا مانع له من الأمر بحمل الماء و ادخاره و مع ذلك لم يأمر بذلك. فهل ترى أن العقلاء يحكمون بانحصار تقبيحهم للعبد بعدم حمل الماء و ادخاره و يحكمون باستحقاق العبد للعقاب لذلك. هذا مشكل في نهاية الاشكال و ان كان له وجه.
و ما نحن فيه من حكم الشارع بذي المقدمة في الموسم و عدم تحقق الأمر منه بتهيئة