53
و لا يفرق في ذلك بين أن يكون الباذل واحداً أو متعدداً (1)
الصدوق في كتاب التوحيد، قال: «سألت أبا عبد اللّٰه (عليه السلام) عن قول اللّٰه عزّ و جلّ . . . وَ لِلّٰهِ عَلَى اَلنّٰاسِ حِجُّ اَلْبَيْتِ مَنِ اِسْتَطٰاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً. . . قال: يكون له ما يحجّ به، قلت: فمن عرض عليه الحجّ فاستحيى، قال: هو ممّن يستطيع» 1.
و منها: صحيحة معاوية بن عمار في حديث قال: «فإن كان دعاه قوم أن يحجّوه فاستحيى فلم يفعل، فإنّه لا يسعه إلّا أن يخرج و لو على حمار أجدع أبتر» 2.
و ربما يناقش في الاستدلال بالنصوص، لدلالتها على وجوب الحجّ و لو مع العسر و الحرج و هذا ممّا لا يمكن الالتزام به.
و الجواب عن ذلك أنّ الظاهر منها خصوصاً من صحيحة معاوية بن عمار وجوب الحجّ عليه مع المشقّة و التسكع في مورد استقرار الحجّ بالبذل و رفضه بعد البذل، فالأمر بتحمّل المشقّة و الحجّ متسكعاً في هذه النصوص بعد فرض استطاعته بالبذل، فإنّ المستفاد من النصوص أنّ مورد الأسئلة رفض الحجّ بعد البذل، فحينئذ يستقر الحجّ في ذمّته و لا بدّ من الخروج عن عهدته و لو متسكعاً حتّى على حمار أجدع أبتر، فيعلم من ذلك أنّ البذل كالملك يحقق الاستطاعة فلا تختص الاستطاعة بالملك.
بل يمكن استفادة كفاية الاستطاعة البذليّة من نفس الآية الشريفة، لدلالتها على وجوب الحجّ بمطلق الاستطاعة و هي تتحقق بالبذل و عرض الحجّ أيضاً. نعم الرّوايات الخاصّة فسّرت الاستطاعة بقدرة خاصّة و هي التمكّن من الزاد و الرّاحلة و تخلية السرب و صحّة البدن، و هذه الأُمور كما تحصل بالملك تحصل بالبذل أيضاً.
لإطلاق النصوص.