40
فلو وهبه أحد مالاً يستطيع به لو قبله لم يلزمه القبول، و كذلك لو طلب منه أن يؤجر نفسه للخدمة بما يصير به مستطيعاً، و لو كانت الخدمة لائقة بشأنه.
أُخذت مفروضة الوجود، و لذا لو وهبه أحد مالاً يستطيع به لو قبله أو طلب منه إجارة نفسه للخدمة بما يصير به مستطيعاً لم يجب عليه القبول.
و قد يقال كما عن النراقي (قدس سره) بالوجوب لوجهين:
الأوّل: صدق الاستطاعة العرفيّة على ذلك.
الثّاني: أنّ الإنسان يملك منافع نفسه كما يملك منافع ما يملكه من الأعيان كالعقار و الدواب فيكون واجداً للمال و مستطيعاً قبل الإجارة و من المعلوم أنّه لا يعتبر في الاستطاعة وجود الأثمان و النقود أو وجود عين مال مخصوص، بل المعتبر وجود ما يمكن صرفه في سبيل الحجّ 1.
و الجواب عن الأوّل: أنّ الاستطاعة المعتبرة في وجوب الحجّ ليست الاستطاعة العرفيّة و لا العقليّة، و إنّما هي استطاعة خاصّة مفسّرة في الرّوايات بملكيّة الزاد و الرّاحلة و تخلية السرب، و هي تحصل بأحد أمرين إمّا واجديته لما يحجّ به أو بالبذل، و كلاهما غير حاصل في المقام.
و عن الثّاني بأنّ الإنسان و إن كان يملك منافع نفسه لكن لا بالملكيّة الاعتباريّة نظير ملكيّته للعقار و الدواب، و لا يصدق عليه أنّه ذو مال باعتبار قدرته على منافع نفسه و قدرته على أعماله، و لذا تسالم الفقهاء على أنّه لو حبس أحد حرّا لا يضمن منافعه باعتبار تفويته هذه المنافع.
و الّذي يدل على ما ذكرناه أنّ الإنسان لو كان مالكاً لمنافع نفسه بالملكيّة الاعتباريّة لكان واجداً لما يحجّ به، فلا حاجة إلى طلب الاستئجار منه، بل يجب عليه أوّلاً تعريض نفسه للإيجار، كما إذا كان مالكاً للدار و الدواب، و لا أظن أنّ أحداً يلتزم بذلك.