8
و بإزائها روايات أُخر تدل على وجوب الحجّ أكثر من مرّة بل كل عام على المستطيع، منها: ما رواه الشيخ في الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه موسى (عليه السلام) قال: «انّ اللّٰه عزّ و جلّ فرض الحجّ على أهل الجدة في كل عام، و ذلك قول اللّٰه عزّ و جلّ وَ لِلّٰهِ عَلَى اَلنّٰاسِ حِجُّ اَلْبَيْتِ » 1.
و قد حملها الشيخ على الاستحباب جمعاً بينها و بين ما تقدّم من الروايات الدالة على الوجوب مرّة واحدة في تمام العمر. 2و لا يخفى بُعده، لأنه خلاف ظاهر قوله (عليه السلام) «فرض اللّٰه الحجّ على أهل الجدة» أو صريحه، خصوصاً بعد استشهاده (عليه السلام) بالآية الكريمة. و قد جوّز (قدس سره) حملها على إرادة الوجوب على البدل، بمعنى أنه يجب عليه الحجّ في السنة الأُولى، و إذا تركه يجب عليه في الثانية و هكذا. و هذا بعيد أيضاً، فإن الوجوب البدلي بهذا المعنى من طبع كل واجب، فإن الواجب يجب الإتيان به متى أمكن، و يجب تفريغ الذمة عنه، و لا يسقط الواجب بالعصيان.
و قد حملها صاحب الوسائل على الوجوب الكفائي، بمعنى أنه يجب الحجّ كفاية على كل أحد في كل عام، و يشهد له ما دلّ من الاخبار على عدم جواز تعطيل الكعبة عن الحجّ 3.
و فيه: أن ظاهر الروايات وجوبه على كل أحد لا على طائفة دون طائفة أُخرى كما يقتضيه الواجب الكفائي، على أنه يتوقف الالتزام بالوجوب الكفائي على تعطيل الكعبة، و أمّا لو فرضنا عدم تعطيلها و لا أقل من أداء أهل مكّة الحجّ فلا موجب حينئذ للوجوب الكفائي.