33النصراني و اليهودي، فيكون الاقتصار على شرطية التسمية، بل حصر المطلب فيها دالا على نفي غيرها. و إن شئت قلت: إنّ السؤال و الجواب في هذه الروايات محمول أيضا على القضية الحقيقية لا الخارجية، و بنحو القضية الحقيقيّة يمكن فرض تعمّد مخالفة القبلة حتى من أهل الكتاب، فلو كان شرطا كان ينبغي ذكره.
و هكذا يتّضح أنّ مقتضى إطلاق الأدلّة الأولية كتابا و سنّة نفي هذه الشرطية فيكون هو المرجع عند الشكّ و عدم ثبوت دليل عليها مطلقا أو في حالة معيّنة.
و ينبغي حينئذ على مدّعي الشرطية إقامة الدليل، و قد ذكرنا أنّهم استدلّوا على ذلك بالإجماع و بجملة من الروايات.
أمّا الإجماع:
و الذي جعله في المستند هو العمدة ففيهمضافا إلى أنّه في مثل هذه المسألة التي تتوفّر فيها روايات عديدة تأمر بالاستقبال بالذبيحة لا يكون تعبّديا، خصوصا إذا لا حظنا أنّ عبارات الفقهاء في كتبهم هي تعبيرات الروايات نفسهاأنّ أصل حصول الإجماع غير ثابت، و إنما الثابت عدم التصريح بالخلاف من قبل أحد.
بل نلاحظ أنّ الشيخ المفيد في المقنعة 48يذكر الاستقبال في سياق عدم قطع رأس الذبيحة قبل البرد و نحو ذلك ممّا لا يكون شرطا في التذكية، بل المشهور عدم حرمته، و إنّما هو أدب من آداب الذبح، فلعلّه كان يرى أن هذا أيضا من آدابه، أو أنّه أمر تكليفي و ليس شرطا في الحلّية. كما أنّ الشيخ قدس سره لم يذكر الاستقبال أصلا في مبسوطه و لا في خلافه، مع أنّه ألّفه لبيان ما يخالف فيه مع الجمهور، و إنّما ذكره في النهاية بعنوان و ينبغي أن يستقبل بذبيحته القبلة المشعر بعدم الوجوب، و إن كان قد ذيّله بعد ذلك بأنّه «فمن لم يستقبل بها القبلة متعمّدا لم يجز أكل ذبيحته» 49.