26و فيه: أنّ الآيات صريحة في النظر إلى حيثيّة ذكر الاسم و العناية به لا الذبح، و في الكناية تكون العناية للمكنى عنه لا المكني به. نعم، يستفاد بالملازمة من الأمر بذكر الاسم في مقام الذبح الأمر بالذبح أيضا لمن ساق معه البدن، لا أن الأمر بذكر الاسم كناية عنه، و لعلّ هذا مقصود الزمخشري أيضا.
و أخرى: بأن هذه الآيات و إن كانت ناظرة إلى حيثية ذكر الاسم في مقام الذبح، و لهذا يفهم منه اشتراط التسمية في التذكية، إلاّ أنّ ذلك ورد فيها بعنوان أنّه منسك و شعار للمسلمين في قبال الكفّار و لو في مقام الذبح بمنى في الحجّ، كما في قوله تعالى وَ لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنٰا مَنْسَكاً لِيَذْكُرُوا اِسْمَ اَللّٰهِ عَلىٰ مٰا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ اَلْأَنْعٰامِ ، فيكون الأمر بذكر الاسم فيها أمرا بإقامة هذا الشعار، لا لبيان ما تتحقّق به التذكية، و إن كان يفهم منه بالالتزام شرطية التسمية في الذبح إلاّ أنّ هذه دلالة التزامية و ليست الآية في مقام بيانها ليتمسّك بإطلاقها لنفي شرطية شرط آخر في التذكية.
و فيه: أنّ هذا، إن صحّ في الآية الأولى، فلا يصحّ في الثانية؛ لأنّها ناظرة إلى حيثية حلّية اللحم و ما يتوقّف على جواز أكله و إطعامه، بقرينة ما فيها من الترتيب و التفريع، و أنّه لا بدّ من ذكر الاسم عليها و هي صواف، فإذا وجبت جنوبها أكل منها و أطعم، و هذا ظاهر في التصدّي لبيان ما تتوقّف عليه حلّية اللحم، فإذا سكت عن غير التسمية دلّ ذلك على عدم اشتراطه فيها، خصوصا و إن الاستقبال لو كان واجبا فهو أيضا كالتسمية شعار آخر في قبال الكفّار كان ينبغي ذكره، بل لعلّ صدر الآية الثانية يدلّ على أنّ الشعار الأضحية نفسها و تقديم البدن، و أمّا ذكر الاسم على البهيمة فهو مربوط بحلّيتها و جواز أكلها و الإطعام، كما أنّ الآية الثلاثين من هذه الآيات ذٰلِكَ وَ مَنْ يُعَظِّمْ حُرُمٰاتِ اَللّٰهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَ أُحِلَّتْ لَكُمُ اَلْأَنْعٰامُ إِلاّٰ مٰا يُتْلىٰ عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا