64
و الانصاف تحقّق المعارضة بين القسمين الأوّلين، فإنه قد صرّح في عدّة منهاكما سمعتبنفي المتعة إذا مضي يوم التروية، و في عدّة من الأوّل ببقاء الوقت مع زمن مضيّه.
و قد جمع بينهما بحمل الأخيرة على صورة عدم درك الموقف بقرينة التصريح في كون المناط دركه في الأوّلة، و على مراتب الفصل بأن يكون درك المتعة قبل التروية أفضل من دركه يومها، و يومها أفضل من دركه ليلة عرفة، و ليلها أفضل منه من يومها الى زوال الشمس، و كلّما قرب الى الزوال يكون دون الفضل فيحمل أخبار الفوت يوم التروية على فوت الكمال دون الصحّة و حمل الأمر الوارد في قوله عليه السلام: (و ليجعلها حجّة مفردة إذا لم يدرك المتعة قبل التروية) على انّه بالخيار بين أن يمضي على المتعة و بين أن يجعلها حجّة مفردة إذا لم يخف فوت الموقفين و كانت حجّته غير حجّة الإسلام الّتي لا يجوز الافراد مع الإمكان.
قال: و انّما يتوجّه وجوبها على أن يجعل حجّة مفردة لمن غلب على ظنّه انّه ان اشتغل بالطواف و السعي و الإحلال ثم الإحرام بالحج، يفوته الموقفان و مهما حملنا هذه الأخبار (يعني أخبار التروية) على ما ذكرنا، فلم نكن قد رفعنا شيئا منها (انتهى) .
أقول: بعض ما أفاده لا محيص عنه و ممّا لا بدّ منه أعنى الحمل على المراتب و يشهد له ما رواه الشيخ (ره) بإسناده، عن أحمد بن محمد ابن عيسى، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن المرأة تدخل مكّة متمتّعة فتحيض قبل أن تحلّ، متى تذهب متعتها؟ قال: كان جعفر عليه السلام يقول: زوال الشمس من يوم التروية و كان موسى عليه السلام يقول:
صلاة الصبح من يوم التروية، فقلت: جعلت فداك عامة مواليك يدخلون يوم التروية و يطوفون و يسعون ثم يحرمون بالحج؟ فقال: زوال الشمس فذكرت له رواية عجلان، فقال: لا إذا زالت الشمس ذهبت المتعة فقلت: فهي على إحرامها