13التصدي لمجموع الموضوعات المخطّطة لهذا الكتاب أكثر و أكبر من القدرة البشرية الفردية. و لكن هذا لا يعني الترك بعد إمكان كثير من تلك الموضوعات بعون اللّه سبحانه.
و من هنا كان الأمر، بالإضافة إلى كونه متعباً و مطولاً. في البحث عن مصادره و غير ذلك، محدوداً بالقدرة الفرديّة، حيث لا يوجد معاون و كفيل إلاَّ اللّٰه عزّ و جلّ. و أكرم به كفيلاً و وكيلاً. و نقطة القوة في ذلك هو أنه سيكون سبباً لعذر المؤلف إن وجد في الكتاب خطأ في بعض المعلومات الخارجة عن الفقه. و سابقاً قال الشاعر:
على المرء أن يسعى بمقدار جهده
و ليس عليه أن يكون موفَّقاً
و قد وجدنا أن بعض الأمور منعدمة المصادر تماماً، و يحضرني مثالاً:
هو الحديث عن كيفية الليل و النهار في الدائرتين القطبيتين. و بعض الأمور ممَّا لا تتعرض له المصادر بالاستيفاء الذي نتوقعه و نحتاجه، و بعض المصادر فيها كلام كثير خارج عن الصدد. و هكذا، و من هنا كان اللاَّزم بذل الجهد من جميع الجهات، عسى اللّٰه أن يتدارك هذا الضعيف الذليل بقدرته و عزَّته، و يتقبَّل عمله بأحسن القبول إنه ولي كلّ توفيق.
و لنا في نهاية هذه المقدمة الملاحظة باختصار بعدة أمور:
الأمر الأول: إنَّ هذه البحوث ممَّا تقل فيها المصادر لدى المؤلف.
و من هذه الناحية فقد يرى القاري الكريم أنَّ عدداً من الآيات أو الأخبار، أو الأقوال لم يتم التحويل على مصدره في الهامش اكتفاءً بالوثاقة الشخصية، كما كان عليه ديدن المؤلفين في العصور السابقة. و هو أمر مشروع في ذاته، و قد اتَّبعناه أحياناً لقلة المصادر.
الأمر الثاني: اتَّضح ممَّا سبق أنَّ هذا الكتاب ليس فقهيّاً بالمباشرة، لأنه استهدف الأمور الأخرى التي تعتبر ممَّا وراء الفقه. و معه لم يكن من الضروري التعمّق بالبحث الفقهي الاستدلالي. بل يكفي إعطاء صورة مبسَّطة عنه للقارئ. فإنَّ هذا البحث لم يكتب للاستدلال و لا للمستدلين ليخطر في ذهن القاري قلّة الاستدلال أو ضحالته أحياناً. بعد أن علمنا أن هدف الكتاب ليس هو ذلك.