9
و كيف كان فالأخبار الدالة بظاهرها على وجوب الحج في كل سنة لا تصلح لمعارضة الأخبار الدالة على وجوبه بنحو صرف الوجود و عدم وجوبه أكثر من مرة واحدة، و ذلك لأن الأخبار الدالة على عدم وجوبه إلا مرة واحدة، نص في ذلك، و الطائفة المعارضة لها ليست نصا في الوجوب فيمكن حملها على إرادة الاستحباب أو غيره.
و من المحتمل أن يكون المراد من لفظ الفرض الواقع في منطوق الروايات معناه اللغوي و هو الثابت، و معلوم أن الثبوت أعم من ان يكون بنحو الوجوب أو بنحو الاستحباب فصلاة الليل مثلا ثابتة على المسلمين، مع أنها ليست بواجبة.
[المسألة الأولى]
[في فورية وجوب الحج]
قوله قده: (لا خلاف في ان وجوب الحج بعد تحقق الشرائط فوري.
قد تطابقت الفتاوى قديما و حديثا على وجوب البدار إليه في أول عام الاستطاعة كما في الجواهر و المدارك و المنتهى و التذكرة و محكي الناصريات و المختلف و شرح الجمل و غيرها، و هذا مما لا ينبغي الشك فيه من حيث الفتوى و لكن يقع الكلام في دليله
و يمكن الاستدلال
على ذلك بوجوه:
(الأول) -الإجماع
كما ادعاه صاحب التذكرة و المنتهى، و فيه: أنه قد ذكرنا أن المعتبر من الإجماع هو التعبدي لا المدركى منه، و في المقام يحتمل أن يكون مدركه بعض ما سنذكره من الوجوه الآتية، فالعبرة حينئذ بها لا بالإجماع، و على فرض تسليم القطع بعدم استناد المجمعين في الحكم على تلك الوجوه.
نقول: إن من الواضح عدم كون الإجماع بنفسه حجة تعبدية في قبال الكتاب و السنة و لذا لم يلتزم بذلك أحد من الأصحابرضوان اللّه تعالى عليهمفالاعتماد عليه لا بد ان يكون من جهة كونه موجبا لحصول الاطمئنان بالحكم بل ربما يكون موجبا لحصول العلم بان المجمع عليه هو الواقع، و لو لم يكشف عن الحجة المعتبرة عندهم التي كانت حجة لنا ايضا لو ظفرنا بها، و لا عن سيرة أصحاب الأئمةعليهم السلامالتي تكون كاشفة عن إمضاء الإمام -عليه السلامكما ادعى هذان الوجهان في وجه حجيته، و نحن قد أثبتنا في محله عدم تمامية ما افادوه «قدس اللّه تعالى أسرارهم» من الوجهين أما عدم كشفه عن الحجة المعتبرة