169المفروضة قبل نزول آية التمتّع، فكانت عُمرة التمتّع قائمة مقام الأصليّة مجزئة عنها، و هي منها بمنزلة الرخصة من العزيمة.
و يكون قوله: (و المفردة تلزم حاضري المسجد الحرام) إشارة إلىٰ ما استقرّ عليه الحال، و صار هو الحكم الثابت الآن بأصل الشرع. ففي الأوّل إشارة إلى ابتدائه، و الثاني إلى استقراره) 1، انتهىٰ.
أقول: و قد تقدّم في أحكام حجّ التمتّع من (الشرائع) مثل هذه العبارة، و أجاب عنها الشارح بجواب يحسن ذكره هنا أيضاً، و كأنه اعتمد علىٰ ذكره هناك.
حيث قال المحقّق هناك: (و إذا صحّ التمتّع سقطت العُمرة المفردة) 2.
قال الشارح: (هذا السقوط لا يتأتّىٰ عندنا حقيقة إلّا في ذي الموطنين بمكّة و ناءٍ أو الناذر للحجّ مطلقاً، أمّا من فرضه التمتّع ابتداءً فإن سقوط المفردة في حقّه مجاز؛ إذ لم تجب حتّى تسقط. نعم، يتوجّه ذلك علىٰ مذهب العامّة، لتخييرهم بين الأنواع الثلاثة مطلقاً) 3، انتهىٰ.
أقول: حاصله أنه لا يتأتّى السقوط حقيقة إلّا في حقّ من وجب عليه نوع من الحجّ لا على التعيين، بل على التخيير، و من هو كذلك لم يثبت في ذمّته نوع بعينه من حجّ أو عُمرة، و إنما وجب عليه أمر كلّيّ هو الحجّ الكلّيّ و العُمرة الكلّيّة من حيث هما كلّيّان. و بالإحرام بأحد أفراد الكلّيّ يتعيّن و يتبيّن ما هو في ذمّته من الأمر الكلّيّ الذي لا تحقّق له في الخارج إلّا في ضمن جزئي من جزئيّاته.
فالثابت في ذمّته جزئيّ خاصّ يتعيّن و يتبيّن بالإحرام به، فمن تمّ تمتّعه لا يقال: إنه ثبت في ذمّته المفردة إلّا مجازاً؛ لأنه لم يثبت في ذمّته الكلّيّ بجميع أفراده، و إلّا لتعيّن عليه الجميع و لم يُجزِه فرد منها، و لا الكلّيّ من حيث هو كلّيّ؛ لعدم إمكان وجوده كذلك خارجاً، و إنما الثابت في ذمّته فرد خاصّ، لكنّه غير متعيّن خارجاً إلّا