167و مكان كلّها دلّت على أن فرض أهل الآفاق حجّ التمتّع دون القرآن و الإفراد. فيكون فرضه من العُمرة الواجبة بأصل الشرع العمرة المتمتّع بها، فلا تجب عليه المفردة؛ إذ لم يدلّ دليل على أن أحداً يجب عليه بأصل الشرع عمرتان: عُمرة تمتّع، و مفردة. و كذلك القول في اختصاص حاضري مكّة بوجوب المفردة.
و أيضاً النصّ 1و الإجماع إنما دلّا على أن العُمرة على الإطلاق فريضة علىٰ من استطاع إليها سبيلاً، كما أن الكتاب 2و السنّة 3و الإجماع إنما دلّوا على أن لِلّٰهِ عَلَى اَلنّٰاسِ حِجُّ اَلْبَيْتِ مَنِ اِسْتَطٰاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً على الإطلاق.
ثمّ إن الكتاب و السنّة و الإجماع دلّوا على أن الحجّ ينقسم إلىٰ ثلاثة أنواع، و العُمرة إلىٰ نوعين، و أنه ليس كلّ نوع من أنواع الحجّ و العُمرة واجباً علىٰ كلّ مستطيع، بل على أن فرض من نأى عن مكّة التمتع دون قسيميه فلا يجزي أحدهما عنه اختياراً، و فرض حاضري مكّة القرآن أو الإفراد.
و من هذا يعلم أن النائي لم تفرض عليه المفردة بأصل الشرع، و من هو من حاضري المسجد لم تفرض عليه عُمرة التمتّع بأصل الشرع. و لم يدلّ دليل على أن المتمتّع بها واجبة علىٰ كلّ من استطاع، و لا على أن المفردة واجبة علىٰ كلّ من استطاع؛ لا كتاباً و لا سنّة و لا إجماعاً، و كذلك أقسام الحجّ، بل لم يُفتِ أحد بذلك أصلاً.
و أنت إذا تتبّعت كلام علماء الفرقة وجدتهم مطبقون على أنه إنما يجب الحجّ أو العُمرة علىٰ من استطاع بأصل الشرع مرّة واحدة في العمر، فلو وجب على أحد نوعان من أنواع العُمرة لكان الواجب عليه أكثر من مرّة واحدة في عمره بأصل الشرع.