564
و إلا
أي و إن لم يتمكن من ذلك أعاد الإحرام
في موضعه
و علل جواز الاكتفاء في ذلك بأن من هذا شأنه أعذر من الناسي و الجاهل و أنسب بالتخفيف مع ثبوت ذلك بالنسبة إليها و فيه تأمّل
و لو ارتد بعد إحرامه لم يبطل
إحرامه
لو تاب
تنقيح هذا المقام يتم ببيان مسألتين الأولى المشهور بين الأصحاب أن من حج في حال إسلامه ثم ارتد بعد ذلك ثم عاد إلى الإسلام لم يجب عليه إعادة الحج و خالف في ذلك الشيخ في المبسوط فذهب إلى وجوب الإعادة و الأول أقرب لحصول الإتيان بالمأمور به المقتضي للإجزاء و يؤيده ما رواه عن زرارة عن أبي جعفر ع قال من كان مؤمنا فحج ثم أصابته فتنة فكفر ثم تاب يحسب له كل عمل صالح عمله و لا يبطل منه شيء احتج الشيخ بأن ارتداده يدل على أن إسلامه لم يكن إسلاما فلا يصح حجه قال المحقق في المعتبر و ما ذكره رحمه اللّٰه بناء على قاعدة باطلة و قد بينا فسادها في الأصول و يدفع قول الشيخ قوله تعالى إِنَّ اَلَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا حيث أثبت الإيمان قبل الكفر و الاستدلال على وجوب الإعادة بقوله تعالى وَ مَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمٰانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ ضعيف لأن الإحباط مشروط بالموافاة على الكفر لقوله تعالى وَ مَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَ هُوَ كٰافِرٌ فَأُولٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمٰالُهُمْ الثانية المشهور بين الأصحاب أن من أحرم في حال إسلامه ثم ارتد لم يبطل إحرامه و قال الشيخ في المبسوط و إن أحرم ثم ارتد ثم عاد إلى الإسلام جاز أن يبني عليه إلا على ما استخرجناه في المسألة المتقدمة في قضاء الحج و أشار بذلك إلى ما ذكره من أن الإسلام لا يتعقبه كفر و الأول أقرب للأصل السالم من المعارض و قد مرت الإشارة إلى فساد القاعدة التي ذكرها الشيخ و الشيخ أورد على نفسه أنه يلزم على هذا القول أن المرتد لا يلزمه قضاء العبادات التي فاتته في حال الارتداد أو لأنا إذا لم يحكم بإسلامه يكون كفره أصليّا و الكافر الأصلي لا يلزمه قضاء ما فاته في حال الكفر
و المخالف يعيد
الحج
مع إخلال بركن
و بدون ذلك لا يعيد على المشهور بين الأصحاب و عن ابن البراج و ابن الجنيد أنهما حكما بوجوب الإعادة و إن لم يخل بشيء و الأول أقرب لنا ما رواه الشيخ عن بريد بن معاوية العجلي في الصحيح قال سألت أبا عبد اللّٰه ع عن رجل حج و هو لا يعرف هذا الأمر ثم من اللّٰه عليه بمعرفته و الدينونة به عليه حجة الإسلام أو قد قضى فريضة فقال قد قضى فريضة و لو حج لكان أحب إلي قال و سألته عن رجل و هو في بعض هذه الأصناف من أهل القبلة ناصب متدين ثم من اللّٰه عليه فعرف هذا الأمر يقضي حجة الإسلام فقال يقضي أحبّ إلي و قال كل عمل عمله و هو في حال نصبه و ضلالته ثم من اللّٰه عليه و عرفه الولاية فإنه يوجر عليه إلا للزكاة فإنه يعيدها لأنه وضعها في غير موضعها لأنها لأهل الولاية و أما الصلاة و الحجّ و الصيام فليس عليه قضاء و ما رواه الكليني و الشيخ عنه عن زرارة و بكير و الفضيل و محمد بن مسلم و بريد العجلي في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن أبي جعفر و أبي عبد اللّٰه ع أنهما قالا في الرّجل يكون في بعض هذه الأهواء الحرورية و المرجئة و العثمانية و القدرية ثم يتوب و يعرف هذا الأمر و يحسن رأيه أ يعيد كل صلاة صلاها أو صوم أو زكاة أو حج أو ليس عليه إعادة شيء من ذلك قال ليس عليه إعادة شيء من ذلك غير الزكاة لا بد أن يؤديها لأنه وضع الزكاة في غير موضعها و إنما موضعها أهل الولاية و ما رواه الكليني عن ابن أذينة في الحسن بإبراهيم قال كتب إلي أبو عبد اللّٰه ع أن كل عمل عمله الناصب في حال ضلالته أو في حال نصبه ثم من اللّٰه عليه و عرفه هذا الأمر فإنه يوجر عليه و يكتب له إلا الزكاة فإنه يعيدها لأنه وضعها في غير موضعها و إنما موضعها أهل الولاية و أما الصلاة و الصّوم فليس عليه قضاء و ما رواه الكليني و الشيخ عنه عن عمر بن أذينة في الحسن بإبراهيم قال كتبت إلى أبي عبد اللّٰه ع أسأله عن رجل حج و لا يدري و لا يعرف هذا الأمر ثم من اللّٰه عليه بمعرفته و الدينونة به أ عليه حجة الإسلام أو قد قضى فريضة اللّٰه قال قد قضى فريضة اللّٰه و الحج أحب إلي و عن رجل و هو في بعض هذه الأصناف و من أهل القبلة ناصب متدين ثم من اللّٰه عليه فعرف هذه الأمر يقضي عنه حجة الإسلام أو عليه أن يحج من قابل قال الحج أحب إلي و روى الصدوق عن عمر بن أذينة في الصحيح صدر هذا الحديث و أما ما رواه الصّدوق عن أبي عبد اللّٰه الخراساني عن أبي جعفر الثاني ع قال قلت له إني حججت و أنا مخالف و حججت حجتي هذه و قد من اللّٰه علي بمعرفتكم و علمت أن الذي كنت فيه كان باطلا فما ترى في حجتي قال اجعل هذه حجة الإسلام و تلك نافلة فلا ينافي ما ذكرناه و لعل حجة ابن الجنيد و ابن البراج ما رواه الكليني و الشيخ عنه عن أبي بصير في الضعيف لعلي بن أبي حمزة عن أبي عبد اللّٰه ع قال لو أن رجلا معسرا أحجه رجل كانت له حجة فإن أيسر بعد ذلك كان عليه الحج و كذلك الناصب إذا عرف فعليه الحج و عن علي بن مهزيار في الضعيف بسهل بن زياد قال كتب إبراهيم بن محمد بن عمران الهمداني إلى أبي جعفر ع إني حججت و أنا مخالف و كنت صرورة فدخلت متمتعا بالعمرة إلى الحج فكتب إلي أعد حجك و الجواب بعد الإغماض عن السند أنهما محمولان على الاستحباب جمعا بين الأدلة و اعلم أن النصوص مطلقة في عدم إعادة المخالف حجه بعد الاستبصار من غير تقييد بعدم الإخلال بركن لكن الشيخ و كثير من الأصحاب ذكروا هذا التقييد و نص الفاضلان و الشهيد على أن المراد بالركن ما يعتقده أهل الحق ركنا مع تصريحهم في مسألة سقوط قضاء الصّلوات عن المخالف باعتبار الصحة عنده في السّقوط و إن كان فاسدا عندنا و انسحاب هذا الحكم هاهنا أيضا أوفق بمقتضى النصوص كما لا يخفى على المتدبر و الظاهر عدم الفصل في المخالف بين أن يكون محكوما بالكفر كالناصب و غيره كما وقع التنصيص على الناصب في صحيحة بريد و على الحرورية في رواية الفضلاء مع أنهم كفار لأنهم خوارج و يظهر من كلام المصنف في المختلف اختصاص الحكم بالكفار و لو حج المحق حج غيره جاهلا فالأقرب عدم الإجزاء عند الإخلال بالشرائط المعتبرة في الصحة قصرا للحكم المخالف للأصل على مورد النص و تردد فيه الشهيد في الدروس نظرا إلى التفريط و امتناع تكليف الغافل و مساواته للمخالف في الشبهة
و ليس للمرأة و لا للعبد الحج تطوّعا بدون إذن الزوج و المولى
أما ثبوت هذا الحكم في العبد فظاهر لأنه ملك للمولى لا يجوز له التصرف في نفسه بدون إذن المولى و أما ثبوته في المرأة فلا أعرف فيه خلافا بين الأصحاب و نقل بعضهم اتفاق الأصحاب عليه و قال في المنتهى لا نعلم فيه خلافا بين أهل العلم و يؤيده ما رواه ابن بابويه عن إسحاق بن عمار في الموثق عن أبي إبراهيم ع قال سألته عن المرأة الموسرة قد حجت حجة الإسلام تقول لزوجها أحجني مرة أخرى له أن يمنعها قال نعم يقول لها حقي عليك أعظم من حقك علي في ذا و نحوه روى الشيخ عن إسحاق بن عمار في الموثق عن أبي الحسن ع و بهذا الخبر استدل بعضهم على المطلوب و لا يخلو عن إشكال لأن المستفاد منه أن للزوج المنع لا التوقف على الإذن
و لا يشترط
في المرأة
المحرم إلا مع الحاجة
لا أعرف في هذا الحكم خلافا بين الأصحاب و نقل اتفاقهم عليه المصنف في المنتهى و يدل عليه ما رواه الصّدوق عن معاوية بن عمار في الصحيح قال سألت أبا عبد اللّٰه ع عن المرأة تخرج إلى مكّة بغير ولي قال لا بأس يخرج مع قوم ثقات و روى الكليني عن معاوية بن عمار في الحسن بإبراهيم عنه ع نحوا منه و عن سليمان بن خالد في الصحيح عن أبي عبد اللّٰه ع في المرأة تريد الحج و ليس معها محرم هل يصلح لها الحج فقال نعم إذا كانت مأمونة و رواه الكليني عن سليمان بن خالد في الصحيح عنه ع و عن صفوان الجمال في الصحيح قال قلت لأبي عبد اللّٰه ع قد عرفتني بعملي و يأتيني المرأة أعرفها بإسلامها و حبها إياكم و ولايتها لكم ليس لها محرم فقال إذا جاءت المرأة المسلمة فاحملها فإن المؤمن محرم المؤمنة ثم تلا هذه الآية و المؤمنون و المؤمنات بعضهم أولياء بعض و روى الشيخ عن صفوان بن مهزيار في الصحيح عنه ع بتفاوت ما في العبارة و ما رواه الكليني عن معاوية بن عمار في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن أبي عبد اللّٰه ع قال سألته عن المرأة يخرج مع غير وليّ قال لا بأس فإن كان لها زوج أو ابن أخ قادرين على أن يخرجا معها و ليس لها سعة فلا ينبغي لها أن يقعد و لا ينبغي لهم أن يمنعوها و ما رواه الشيخ عن معاوية بن عمار في الصحيح قال سألت أبا عبد اللّٰه ع عن المرأة تحج بغير ولي قال لا بأس و إن كان لها زوج أو أخ أو ابن أخ فأبوا أن يحجوا بها و ليس لهم سعة فلا ينبغي لها أن تقعد عن الحج و ليس لهم أن يمنعوها قال و لا يحج المطلقة في عدتها و عن عبد الرحمن بن الحجاج بإسناد لا يبعد أن يعد موثقا عن أبي عبد اللّٰه ع قال سألته عن المرأة تحج بغير محرم فقال إذا كانت مأمونة و لم تقدر على محرم فلا بأس بذلك و عن أبي بصير في القوي عن أبي عبد اللّٰه ع قال سألته عن المرأة تحج بغير وليها قال نعم إن كانت امرأة مأمونة تحج مع أخيها المسلم و الظاهر اعتبار الظن بالسلامة من الغرض بالرفقة و لو لم يحصل ذلك إلا بالمحرم اعتبر وجوده لما في التكليف بالحج بدون ذلك من الحرج و الضرر المنفيين بالنص و بعض الأصحاب احتمل قويا اعتبار المحرم فيمن تشق عليها مخاطبة الأجانب من النساء مشقة شديدة دفعا للحرج و هو غير بعيد و مع الحاجة إلى المحرم يشترط في الوجوب عليها سفره معها و لا يجب عليه إجابتها تبرعا و لا بأجرة و لو احتاج إلى الأجرة وجبت لتوقف الواجب عليها
و لا
يشترط للمرأة
إذن الزوج في
الحج
الواجب
لا أعرف في ذلك خلافا بين الأصحاب و يدل عليه ما رواه الصدوق من زرارة في الصحيح عن أبي جعفر ع قال سألته عن امرأة لها زوج و هي ضرورة و لا يأذن لها في الحج قال يحج و إن لم يأذن لها قال الصدوق و في رواية عبد الرحمن بن أبي عبد اللّٰه عن الصادق ع