563المال للحج من البلد و لا أعرف قائلا بذلك من الأصحاب و أوجب الشهيد في الدروس القضاء من المنزل مع السّعة قال و لو قضى مع السّعة من الميقات أجزأ و إن أثم الوارث و يملك المال الفاضل و لا يجب صرفه في نسك أو بعضه أو في وجوه البر و المراد بأقرب الأماكن أقرب المواقيت إلى مكّة إن أمكن الاستيجار عنه و إلا فمن غيره مراعيا للأقرب فالأقرب فإن تعذّره الاستيجار من المواقيت مطلقا استأجر من أقرب ما يمكن الحج منه إلى الميقات و هل المراد ببلد الميّت بلد موته أو بلد استيطانه أو بلد يساره و وجوب الحج عليه فيه أوجه رجح بعض المتأخرين الأول و ظاهر ابن إدريس و في التذكرة وجوب الاستيجار من البلد الذي وجب على الميّت الحج فيه أو من بلده أو من الموضع الذي أيسر فيه قولان و هو يفيد المعنى الثالث و فيه أيضا لو كان له موطنان قال الموجبون للاستنابة من البلد استناب من أقربهما و هو يشعر بالمعنى الثاني و الأقرب في المسألة القول الأول لنا الأصل السالم عن المعارض فإن المستفاد من الأدلة وجوب قضاء الحج عن الميّت و الحج عبارة عن الأفعال المخصوصة في الأماكن المعينة و ليس قطع المسافة من بلده إلى الميقات داخلا في حقيقة الحج حتى يجب قضاؤه و إنما يجب الإتيان به حيث يجب من باب توقف الواجب بالأصالة عليه و لهذا لو سافر إلى الحج لا بنية أو بنية غيره أو ذاهلا ثم بدا له بعد الوصول إلى الميقات الحج أجزأ و روى الصّدوق عن معاوية بن عمار في الصحيح و الكليني عنه في الحسن قال قلت لأبي عبد اللّٰه ع الرجل يخرج في تجارة إلى مكة أو يكون له إبل فيكريها حجته ناقصة أو تامة قال لا حجته تامة و عن معاوية بن عمار في الصحيح قال قلت لأبي عبد اللّٰه ع حجة الجمال تامة أو ناقصة قال تامة قلت حجة الأجير تامة أو ناقصة قال تامة و عن معاوية بن عمار في الصحيح أيضا قال قلت لأبي عبد اللّٰه ع الرجل يمر مجتازا يريد اليمن و غيرها من البلدان و طريقه بمكّة فيدرك الناس و هم يخرجون إلى الحج فيخرج معهم إلى المشاهد أ يجزيه ذلك عن حجة الإسلام قال نعم و يؤكد هذا المعنى أيضا بعض الأخبار السابقة عند شرح قول المصنف و لو كان النائب معسرا أجزأت عن المنوب و يؤيد الحكم ما رواه الشيخ عن حريز بن عبد اللّٰه في الصحيح قال سألت أبا عبد اللّٰه ع عن رجل أعطى رجلا حجة يحج عنه من الكوفة فحج عنه من البصرة قال لا بأس إذا قضى جميع المناسك فقد تم حجه و ما رواه الكليني عن زكريا بن آدم قال سألت أبا الحسن ع عن رجل مات و أوصى بحجة أ يجزيه أن يحج عنه من غير البلد الذي مات فيه فقال ما كان دون الميقات فلا بأس و أما الاستدلال بما رواه الشيخ و الكليني عن علي بن رئاب في الصحيح قال سألت أبا عبد اللّٰه ع عن رجل أوصى أن يحج عنه حجة الإسلام فلم يبلغ جميع ما ترك إلا خمسين درهما قال يحج عنه من بعض الأوقات التي وقت رسول اللّٰه ص من قرب بناء على عدم الاستفصال عن إمكان الحج بذلك من البلد أو غيره مما هو أقرب إلى الميقات ضعيف إذ يجوز أن يكون عدم إمكان الحج بذلك من غير الميقات معلوما بحسب متعارف ذلك الزمان و كذا الاستدلال بما رواه الكليني عن عمر بن يزيد في القوي قال قال أبو عبد اللّٰه ع في رجل أوصى بحجة فلم يكفه من الكوفة إنها يجزي من دون الوقت و عن عمر بن يزيد في القوي أيضا قال قلت لأبي عبد اللّٰه ع رجل أوصى بحجة فلم يكفه قال فيقدمها حتى يحج دون الوقت إلا أن يقصد به الاستدلال على نفي بعض الأقوال و كذا ما رواه الكليني عن أبي سعيد عمن سأل أبا عبد اللّٰه ع عن رجل أوصى بعشرين درهما في حجة قال يحج بها رجل من موضع بلغه و ما رواه الصّدوق عن أبي بصير في الصحيح عندي عمن سلّمه قال قلت رجل أوصى بعشرين دينارا في حجة فقال يحج بها من حيث بلغه و أما ما رواه الشيخ عن الحلبي في الصحيح عن أبي عبد اللّٰه ع أنه قال و إن أوصى أن يحج عنه حجة الإسلام و لم يبلغ ماله ذلك فليحج عنه من بعض المواقيت فلا ينافي ما اخترناه لأنه يتضمن وجوب الحج من البلد عند الوصيّة بالحج و يجوز أن تكون القرائن الحالية دالة على إرادة ذلك عند الوصيّة بالحج كما هو المتعارف في زماننا هذا و كذا الكلام فيما رواه الكليني عن أحمد بن محمد بن أبي نصر في الصحيح إلى محمد بن عبد اللّٰه المشترك قال سألت أبا الحسن الرّضا ع عن الرجل يموت فيوصي بالحج من أين يحج عنه قال على قدر ماله إن وسعه ماله فمن منزله و إن لم يسعه ماله من منزله فمن الكوفة فإن لم يسعه من الكوفة فمن المدينة و قد يجاب بإمكان أن يراد بماله ما عينه أجرة للحج بالوصيّة فإنه يتعين الوفاء به مع خروج ما زاد عن أجرته من الميقات من الثلث اتفاقا احتج ابن إدريس على وجوب الحج من البلد بتواتر الأخبار بذلك و بأن المحجوج عنه كان يجب عليه الحج من بلده و نفقة طريقه فمع الموت لا يسقط النفقة و الجواب عن الأول منع تواتر الأخبار بذلك قال المحقق و دعوى المتأخر تواتر الأخبار غلط فإنا لم نقف في ذلك على خبر شاذ فكيف يدعي التواتر و عن الثاني أنا لا نسلّم وجوب الحج من البلد إلا من باب المقدمة حيث يتوقف الحج عليه لا مطلقا و إيجاب قضائه يحتاج إلى دليل و اعلم أن موضع الخلاف ما إذا لم يوص للحج من البلد أما لو أوصى بذلك تعين الحج على الوجه الذي أوصى به إن خرج الزائد على أجرة الحج من الميقات من الثّلث و كذا لو أطلق الوصية و دلت القرائن الحالية أو المقالية عليه الثالث اختلف كلام الأصحاب فيما به يتحقق استقرار الحج فذهب الأكثر إلى أنه يتحقق بمضي زمان يمكن الإتيان فيه بجميع أفعال الحج مستجمعا للشرائط و أطلق المحقق القول بتحققه بالإهمال مع تحقق الشرائط و اكتفى المصنف في التذكرة بمضي زمان يمكن فيه تأدي الأركان خاصة و احتمل الاكتفاء بمضي زمان يمكنه فيه الإحرام و دخول الحرم و استحسنه بعض المتأخرين إن كان زوال الاستطاعة بالموت و إن كان قد فات المال أو غيره فلا لعدم الدليل على الإجزاء لو عجز عن الحج بعد دخول الحرم و الأخبار خال عن ذلك كله بل ليس فيها حديث الاستقرار أصلا و لعل ما ذكره الأصحاب مبني على أن وجوب القضاء تابع لوجوب الأداء و للتأمّل فيه مجال الرابع قطع الأصحاب بأن من حصل له الشرائط فأهمل الحج ثم مات قبل حج الناس لا يجب القضاء عنه لعدم استقرار الحج في ذمته لعدم الاستطاعة و لا أعلم تصريحا لأحد بخلافه و كأنه مبني على المقدمة التي ذكرنا و قطع المصنف في التذكرة بأن من ذهب ماله قبل إمكان عود الحاج لم يستقر الحج في ذمته لأن نفقة الرّجوع لا بد منها في الشرائط و فيه تأمّل لاحتمال بقاء المال لو سافر إلى الحج و لأن فوات الاستطاعة بعد الفراغ من أفعال الحج غير مؤثر في سقوط الوجوب و لهذا لا يجب عليه الإعادة بذلك
و لو اختص أحد الطريقين بالسّلامة وجب سلوكه و إن بعد
إذا لم يقصر نفقته عنه و اتسع الزمان له
و لو تساويا فيها
أي في السلامة
تخير
لحصول الغرض بسلوك كل واحد منها
و لو اشتركا
أي الطريقين
في العطب سقط
الوجوب
و لو مات بعد الإحرام و دخول الحرم أجزأ
و لا يكفي الإحرام عند أكثر الأصحاب و عن الشيخ في الخلاف و ابن إدريس الإجزاء بالإحرام و الأصل في هذه المسألة صحيحة بريد العجلي السابقة في مسألة وجوب القضاء عن الميّت و ما رواه الصّدوق عن ضريس في الصحيح و رواه الكليني عنه أيضا عن أبي جعفر ع في رجل خرج حاجا حجة الإسلام فمات في الطريق فقال إن مات في الحرم فقد أجزأت عنه حجة الإسلام و إن كان مات دون الحرم فليقض عنه وليه حجة الإسلام و هذا الخبر يدل على القول الأول و مفهوم قوله ع في صحيحة بريد و إن كان مات و هو صرورة قبل أن يحرم جعل جملة و زاده و نفقته في حجة الإسلام لأن الترجيح للمنطوق مع اعتضاده بالمفهوم المستفاد من صدر الخبر المذكور و يحتمل الجمع بالقول باستحباب القضاء إذا كان الموت بعد الإحرام قبل دخول الحرم و أما ما رواه الشيخ عن زرارة في الصحيح عن أبي جعفر ع قال قلت فإن مات و هو محرم قبل أن ينتهي إلى مكّة قال يحج عنه إن كانت حجة الإسلام و يعتمر إنما هو شيء عليه فمحمول على الاستحباب أو يختص بما إذا لم يدخل الحرم و الثاني بعيد
و مع حصول الشرائط يجب
الحج
فإن أهمل
بعد حصول شرائط الوجوب
استقر في ذمته
فيجب القضاء عنه إن مات قبل الحج و قد مر الخلاف فيما به يتحقق الاستقرار و لو خرج حاجّا في عام الوجوب فمات قبل الإحرام و دخول الحرم فالمشهور بين المتأخرين سقوط القضاء عنه و عن المفيد في المقنعة و الشيخ في جملة من كتبه وجوب القضاء إذا مات قبل دخول الحرم و كأنهما نظرا إلى إطلاق الأمر بالقضاء في الروايتين المتقدمتين في المسألة السابقة و تخصيصهما بمن استقر الحج في ذمته يحتاج إلى دليل و كأن المتأخرين نظروا إلى أن وجوب القضاء تابع لوجوب الأداء و للتأمّل فيه مجال
و يجب على الكافر
لا أعرف في ذلك خلافا بين الأصحاب و خالف فيه أبو حنيفة فزعم أن الكافر غير مخاطب بشيء من الفروع و لو أسلم يجب عليه الإتيان بالحج مع بقاء الاستطاعة و مع عدم بقائها ففيه وجهان أظهرهما الوجوب و ذهب المصنف في التذكرة إلى عدم الوجوب حيث اعتبر في الوجوب بقاء الاستطاعة إلى زمان الإسلام
و لا يصح
الحج
منه
أي الكافر
إلا بالإسلام
لا أعرف في ذلك خلافا
فإن أحرم حال كفره لم يجزئ عنه
لانتفاء الإسلام الذي هو شرط الصحة
فإن أسلم
بعد الإحرام
أعاده
أي الإحرام في الميقات
إن تمكن
عنه ليتحقق الإتيان بالواجب في حال الإسلام الذي هو شرط الصحة
و إلا
أي و إن لم يتمكن من العود إلى الميقات أعاد الإحرام
خارج الحرم