94
. . . . . . . . . .
و تخلية سربه، و هذا الموضوع لا ينتفى بثبوت التكليف بفعل آخر لا يتمكن المكلف من الجمع بينهما، و لذا تخير غير واحد من الأعيان أن وجوب الحج مع وجوب الوفاء بالنذر من المتزاحمين فيقدم الحج عليه لكونه أهم، كيف و هو فرض اللّٰه سبحانه و أحد الخمسة التي بني الإسلام عليها و مع الأهمية لا ينظر إلى الترجيح بسبق فعلية وجوب الوفاء بالنذر، و على ذلك فلو ترك الحج عصياناً أو جهلاً يجب عليه الوفاء بالنذر، كما هو مقتضى الأمر بالمهم على نحو الترتب. و قد يقال بأنه إذا حصلت الاستطاعة للحج ينحل النذر السابق و انه كما لا أثر للنذر بعد الاستطاعة كذلك لا أثر للنذر السابق عليه. و ذلك لما يستظهر من بعض الروايات أن المكلف إذا نذر عملاً و رأى بعده ما هو خير منه لا يكون اختيار الخير حنثاً، كما ورد ذلك في اليمين أيضاً و في موثقة زرارة الواردة في النذر قال: قلت لأبي عبد اللّٰه (عليه السّلام) «أي شيء لا نذر فيه، قال كل ما كان لك فيه منفعة في دين أو دنيا فلا حنث عليك فيه» 1و لكن لا يخفى أن غاية ما يستفاد منها أن مع اختيار ما فيه نفع أُخروي أو دنيوي لا يكون حنثاً، و أما إذا ترك المنذور و الخير فلا حنث أيضاً فلا دلالة لها على ذلك، و على الجملة الموثقة لا تنافي التزاحم بين التكليف بالحج و وجوب الوفاء بالنذر، أضف إلى ذلك أن ظهور الروايات المشار إليها هو عدم الحنث إذا كان خلاف المحلوف عليه أو المنذور خيراً، و أما إذا كان الفعل الراجح ملازماً للمرجوح اتفاقاً للمضادة بين الفعلين كما في المقام فلا دلالة لها على حكم ذلك، بل يكون التكليف بكل من الفعلين ما يلازم كل منهما ترك الآخر من المتزاحمين.