90والسنن إلاّ هذا الحديث فكيف يعتمد على قول رجل ليس له إلاّ رواية واحدة، أفيمكن الاعتماد عليه في تهديم الآثار الإسلامية التي اهتمّ ببقائها المسلمون كافّة، عبر قرون.
وأمّا دلالة الحديث فهي كسنده، وذلك لأنّ الوارد في الحديث:
«ولا قبراً مشرفاً إلاّ سوّيته» ففقه الحديث يتوقّف على تفسير ذينك اللفظين:
1. مشرفاً. t 2. سوّيته.
أمّا الأوّل: فهو مردّد بين كونه بمعنى العالي، ومطلق الارتفاع. أو المرتفع على شكل سنام البعير، وهذا هو المراد كما سيوافيك.
وأمّا الثاني فإنّ فعل التسوية إذا كان ذا مفعول واحد يكون وصفاً لنفس الشيء، يقول تعالى: وَ نَفْسٍ وَ مٰا سَوّٰاهٰا 1 وإذا كانت ذا مفعولين فالمفعول الثاني يتعدّى بالباء، نظير قوله
سبحانه: إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعٰالَمِينَ 2يراد بها مساواة الشيء مع الشيء الآخر في المقدار; والآية من القسم الأوّل فيتعيّن أن تكون التسوية وصفاً لنفس القبر بنفسه لا بالقياس إلى شيء آخر مثل الأرض، فيكون المراد جعل سطحه مستوياً ومسطحاً على خلاف القبور التي تبنى على شكل ظهر السمكة وسنام البعير، فيكون الحديث دليلاً على لزوم تسوية القبر وتسطيحه، وأين هذا من تهديم القبر وجعله مساوياً للأرض.
وممّا يدلّ على ما ذكرنا من المعنى أنّ مسلماً أورد الحديث وحديثاً آخر تحت عنوان (باب الأمر بتسوية القبر) 3، ولو كان المراد هدم القبر يجب أن يقول: تسوية القبر بالأرض.
ثمّ إنّا نغض النظر عن كلّ ما ذكرنا، فالحديث على فرض الدلالة ناظر إلى القبر لا إلى القباب والأبنية فوق القبر، فبأي دليل تهدم هذه الآثار التي تعد كالمظلّة لمن يريد زيارة القبور وقراءة القرآن.