9والوهابيين المتطرّفين من بعده، بل إنّ الوهابيين ذهبوا في تطرّفهم إلى مديات أبعد، ذلك أنّ ابن تيمية كان في أغلب الأحيان يستخدم كلمة البدعة، بينما الفرقة الوهابية استعاضت عنها بكلمة الكفر، فأصبح معيار التكفير عندها هو مخالفة أفكارها في المسائل المذكورة آنفاً.
وتعارض هذه الفرقة بشدّة بناء أضرحة الأنبياء وأولياء الله وتعتبر ذلك من مظاهر عبادة الأوثان!! بينما شهد الإسلام عبر تاريخه الطويل بناء أضرحة الأنبياء والمحافظة عليها في فلسطين والأردن والشام والعراق، وكان المسلمون يأتون إلى زيارتها أفواجاً أفواجا، ولم يخرج علينا أحد ليصف هذا العمل بأنّه مخالف للتوحيد.
وحتى عندما فتح الخليفة عمر بن الخطاب بيت المقدس لم يأمر أبداً بهدم تلك المزارات و المقامات المقدسة، وإنّما واصل نهج الماضين في المحافظة عليها وتزيينها.
وطيلة الفترة التي تلت رحلة النبي الأكرم (صلى الله عليه و آله و سلم) كان جميع الموحّدين يتوسّلون بمقام النبي الأعظم(صلى الله عليه و آله و سلم) ليشفع لهم في قضاء حوائجهم، غير أنّ هذه الفرقة تساوي بين هذا التوسل وبين توسل الnمشركين بالأصنام، في حين أنّ جوهر كل منهما
متمايز عن الآخر والمسافة بينهما كالمسافة بين الأرض والسماء.
التكفير العنيف
كان التكفير عند أسلاف هذه الفرقة بالقلم واللسان، لكنّه أخذ طابعاً عنيفاً في عهد الوهابيين المتطرّفين، حيث كان أتباعهم يغيرون على القرى والقصبات والقرى المحيطة بمنطقة «نجد» وينهبون ما أمكنهم وبذلك أصبحت لديهم قوة مالية كبيرة.
وللاطلاع على الجرائم التي ارتكبها مؤسّسوا هذه الفرقة ومن جاء بعدهم ينصح بمراجعة مصدرين معتبرين في تاريخ الوهابية هما: «تاريخ ابن غنام» و «تاريخ ابن بشر»، وقد صدرا منذ فترة وأصبحا موضع اهتمام العلماء والمفكرين.
وأخيراً، لا نريد الإطالة في هذا المقام، لذا، سوف نختم كلمتنا بهذا البيت الشعري: