8أعني، كل من كان ينطق بالشهادتين «لا اله الا الله محمد رسول الله»، أفراداً أو جماعات، كان يدخل في حظيرة الإسلام، وينفصل عن دائرة الكفر.
من جهة أخرى، فإنّ الإقرار بكلمة الإخلاص - التي تنطوي على سلب الإلوهية من كل موجود إلا الله - تتضمن الإقرار بثلاثة أنواع للتوحيد: 1. توحيد الخالقية، 2. توحيد التدبير، 3. توحيد العبادة. لأنّ هذه الأنواع الثلاثة هي من خصوصيات إله العالمين لا خلائقه.
ناهيك عن أنّ الأساس الذي تقوم عليه أيّ دعوة إلهية هو الإيمان بالآخرة، طبعاً الإقرار بالحياة الأخروية كما التوحيد والرسالة، يعدّ من العناصر الإيجابية في الإيمان الذي يستكنه أعماق كلمة الإخلاص.
لو رجعنا إلى السيرة النبوية المعطرة سوف نطالع صفحة باسم «عام الوفود» وهو العام الذي تقاطرت فيه الوفود على المدينة من كل حدب وصوب، زرافات ووحدانا، لتبايع الرسول الأكرم(ص)، ولتستظل بخيمة الإسلام من خلال النطق بالعبارتين المذكورتين اللتين تختزلان الإيمان الحقيقي. وفي هذا الشأن نزلت سورة النصر المباركة لتصدح بالآيات الكريمة إِذٰا جٰاءَ نَصْرُ اللّٰهِ وَ الْفَتْحُ وَ رَأَيْتَ النّٰاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللّٰهِ أَفْوٰاجاً فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَ اسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كٰانَ تَوّٰاباً .
إذن مفتاح دخول هذه الأفواج في الإسلام كان النطق بالشهادتين فحسب، ولم تكن ثمة مسائل كلامية أو فقهية تشترط قبول إسلامهم. مثلاً، لم يكن هؤلاء يُساءَلوا عن مكان الله أو رؤيته في يوم البعث أو خلق القرآن وقدمه، وغير ذلك من الأسئلة، وإنّما إيمانهم الكلي برسالة خاتم الأنبياء صلى الله عليه و آله و سلم كان يغنيهم عن كل هذه المسائل. كما لم يُساءَلوا عن مسألة جواز التوسل بالأنبياء والأولياء أو الصلاة إلى جانب القبور أو زيارة قبور الأولياء.
في العصر الراهن، ثمّة فرقة متطرّفة وجاهلة بأصول الشريعة المحمدية وقواعدها، صارت تحتكر الإسلام والإيمان، فتعتبر فئة قليلة هي المؤمنة وسائر المسلمين كفارا ومهدوري الدم. وتعود جذور هذا النمط من التكفير إلى عصر ابن تيمية (ت 728ه-)