81وروى أيضاً أنّ أُمّ حبيبة وأُمّ سلمة ذكرتا كنيسة رأينها في الحبشة، فيها تصاوير لرسول الله. فقال رسول الله: إنّ أُولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات، بنوا على قبره مسجداً وصوّروا فيه تلك الصور، أُولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة. 1
أقول: إنّ مضمون الحديثين الأوّلين مهما صحّ سندهما لا يخلو من شذوذ، إذ من المعلوم من حياة اليهود أنّهم كانوا يقتلون أنبياءهم عبر القرون، كما يحكي ذلك قوله سبحانه: سَنَكْتُبُ مٰا قٰالُوا وَ قَتْلَهُمُ الْأَنْبِيٰاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ 2، وقوله تعالى: قُلْ قَدْ جٰاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي
بِالْبَيِّنٰاتِ وَ بِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صٰادِقِينَ
3
إنّ تأكيد القرآن على عملهم الفظيع يدلّ على أنّ قتل الأنبياء كان عندهم سيرة مستمرة تتحقّق في زمن بعد زمن، فالقوم الذين هذا شأنهم وتكريمهم لأنبيائهم هل يتّخذون قبور أوليائهم وصالحيهم، مساجد يصلّون في جوارهم.
أضف إلى ذلك: ما في الرواية الثالثة من أنّ المرأتين ذكرتا كنيسة رأينها في الحبشة فيها تصاوير لرسول الله، ومعنى ذلك: أنّ صيت رسالة الرسول في أوائل البعثة وصل إلى الحبشة وصوّروا تصوير رسول الله في كنيستهم. والظاهر أيضاً من لفظة رسول الله النبي الخاتم لا المسيح.
نعم رواه النسائي والبيهقي والعيني مجرداً عن عبارة (رسول الله).
وعلى كلّ تقدير فالاستدلال بما ذكر من الروايات على موضوع اشتهر خلافه بين المسلمين أمر بعيد.
إيضاح مفاد الروايات
هذا وعلى فرض الصحّة يجب التحقيق والتأمّل فيما تهدف إليه تلك النصوص.
أقول: إنّ هنا قرائن تشهد على أنّ اليهود والنصارى كانوا يتّخذون قبور أنبيائهم قبلة لهم تصرفهم عن التوجّه إلى القبلة الواجبة، بل ربّما يعبدون أنبيائهم بجوار قبورهم بدل