41روى المفسّرون 1 أنّ أشراف قريش وهم خمسة وعشرون، منهم: الوليد بن المغيرة وهو أكبرهم، وأبو جهل، وأُبيّ وأُمية ابنا خلف، وعتيبة وشيبة ابنا ربيعة، والنضر بن الحارث، أتوا أبا طالب وقالوا: أنت شيخنا وكبيرنا، وقد أتيناك لتقضي بيننا وبين ابن أخيك، فإنّه سفّه أحلامنا، وشتم آلهتنا، فدعا أبو طالب رسول الله(ص) وقال: يابن أخي، هؤلاء قومك يسألونك، فقال(ص):
«ماذا يسألونني؟» قالوا: دعنا وآلهتنا ندعك وإلهك، فقال(صلى الله عليه وآله وسلم):
«أتعطوني كلمة واحدة تملكون بها العرب والعجم؟» فقال أبو جهل: لله أبوك، نعطيك ذلك عشر أمثالها، فقال: «قولوا: لا إله إلاّ الله»، فقاموا وقالوا: أجعل الآلهة إلهاً واحداً. فنزل قوله تعالى: أَ جَعَلَ الْآلِهَةَ إِلٰهاً وٰاحِداً إِنَّ هٰذٰا لَشَيْءٌ عُجٰابٌ 2. فإنّ نفورهم من كلمة لا إله إلاّ الله يدلّ على علمهم بأنّ مَن ينطق بها يتجرّد عن كلّ ما يعتقد به من أنّ العزّة والانتصار والأمطار بيد الآلهة، وأنّه لا يُعبد إلاّ الله سبحانه، فلذلك كان الاعتراف بالكلمتين اعترافاً إجمالياً على ما ذكرنا من مراتب التوحيد.
5. رسالة النبي الخاتم(ص)
كان شعار الإسلام وشعار مَن يدخل تحت خيمته هو الاعتراف بتوحيده سبحانه ورسالة نبيّه محمد(ص)، وقد مرّ في رواية صحيح البخاري أنّ النبي(ص) أمر عليّاً بالقتال إلى أن يعترفوا بأمرين ثانيهما رسالة النبي الخاتم(ص).
ويشهد على ذلك - مضافاً إلى ما مرّ - قوله سبحانه حيث يصف المؤمنين بقوله: الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرٰاةِ وَ الْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهٰاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ يُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبٰاتِ وَ يُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبٰائِثَ وَ يَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَ الْأَغْلاٰلَ الَّتِي كٰانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَ عَزَّرُوهُ وَ نَصَرُوهُ وَ اتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ 3 كيف لا يكون التصديق به جزءاً من الإيمان مع أنّ رسالات السماء قبل ظهور النبي(ص) بشرّت بظهوره ونبوّته