31ثمّ إنّ هنا سؤالين لابدّ من الإجابة عنهما:
1. اتّهام نظرية المشهور بالإرجاء.
2. تعامل النبي مع المنافقين.
أمّا السؤال الأوّل، فربّما يقال: أي فرق بين نظرية الجمهور حيث اكتفوا بالتصديقين من دون إدخال العمل بالفرائض في صميم الإيمان، وما عليه المرجئة الذين اشتهروا بقولهم:«لا تضرّ مع الإيمان معصية كما لا تنفع مع الكفر طاعة»؟
أقول: بين النظريتين بعد المشرقين، وذلك لأنّ القول بأنّ الإيمان هو التصديقان، لا يُدخل القائل في عداد المرجئة إذا كان مهتمّاً بالعمل، لأنّ جمهور العلماء يرون النجاة والسعادة فيه، وأنّه لولاه لكان خاسراً غير رابح، أمّا المرجئة فهم الذين يهتمّون بالعقيدة ولا يهتمّون بالعمل ولا يعدّونه عنصراً مؤثّراً في الحياة الأُخروية ويعيشون على أساس العفو والرجاء، فهم يهتمّون بالرغبة ولا يهتمّون بالرهبة، والله سبحانه يقول: إِنَّ الْإِنْسٰانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصّٰالِحٰاتِ وَ تَوٰاصَوْا بِالْحَقِّ وَ تَوٰاصَوْا بِالصَّبْرِ 1 فكلام الجمهور على طرف النقيض ممّا هم عليه، خصوصاً على ما نقله شارح المقاصد من المرجئة بأنّهم ينفون العقاب على الكبائر إذا كان المرتكب مؤمناً على مذهبهم. 2
وقد شعر أئمة أهل البيت بخطورة الموقف، وعلموا بأنّ إشاعة هذه الفكرة عند المسلمين عامّة، والشيعة خاصّة، سترجعهم إلى الجاهلية، فقاموا بتحذير المجتمع الإسلامي من خطر المرجئة فقالوا:
«بادروا أولادكم بالحديث قبل أن يسبقكم إليهم المرجئة». 3)
كيف يمكن القول بأنّ التصديقين سبب النجاة يوم القيامة، والله سبحانه يقول: فَلاَ اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ وَ مٰا أَدْرٰاكَ مَا الْعَقَبَةُ * فَكُّ رَقَبَةٍ أَوْ إِطْعٰامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ * يَتِيماً ذٰا مَقْرَبَةٍ أَوْ مِسْكِيناً ذٰا مَتْرَبَةٍ ثُمَّ كٰانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ تَوٰاصَوْا بِالصَّبْرِ وَ تَوٰاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ . 4