28وأمّا الثلاثي المزيد فيه فإن كان مقروناً بلفظة «من» فهو أيضاً بنفس ذلك المعنى، مثل قوله: وَ آمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ 1؛ وإن كان مقروناً باللام أو الباء فهو بمعنى التصديق، يقول سبحانه: وَ مٰا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنٰا 2: أي بمصدّق لنا، ويقول سبحانه: آمَنَ الرَّسُولُ بِمٰا أُنْزِلَ إِلَيْهِ 3: أي صدّق الرسول.
الإيمان والكفر في مصطلح المتكلّمين
اتّفق المتكلّمون على أنّ الإيمان بمعنى التصديق ولكن اختلفوا في أنّه بأي جارحة يتحقّق التصديق؟ فهناك أقوال:
1. التصديق اللساني
ذهب ابن كرّام السجستاني (المتوفّى:255ه-) إلى أنّه يكفي في تحقّق الإيمان التصديق باللسان وإن لم يصدّق قلباً، قائلاً: بأنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) يقبل إيمان من قال: لا إله إلاّ الله محمداً رسول الله. 4
يلاحظ عليه: أنّ كلامه هذا لا يخلو من إبهام، فلو قال: إنّ من صدّق باللسان فهو مؤمن وإن لم نعلم وفاق لسانه مع قلبه فهو أمر مقبول، إذ لا طريق لنا إلى الغيب والباطن. وأمّا لو قال بكفاية التصديق اللساني وإن علم الخلاف فهو محجوج بالقرآن الكريم، يقول سبحانه: وَ مِنَ النّٰاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنّٰا بِاللّٰهِ وَ بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَ مٰا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ 5.
2. التصديق القلبي
ذهب جهم بن صفوان (المتوفّى:127ه-) إلى كفاية التصديق القلبي وإن كان منكراً لساناً، واستدلّ على ذلك بإيمان عمّار الذي أنكر رسالة النبي(ص) بلسانه ولمّا جاء إلى