12 الكمال المنشود، فهو محتاج في هذه النشأة إلى مَن يأخذ بيده ليدلّه على غايته المطلوبة وهدفه الأسمى الذي يسعى إليه.
من هنا نشأت الحاجة إلى الدين، لأنّه السبيل الوحيد لوصول الناس إلى غايتهم، فكان من لطف الله سبحانه أن أرسل إليهم (رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَ مُنْذِرِينَ لِئَلاّٰ يَكُونَ لِلنّٰاسِ عَلَى اللّٰهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ) 1، هداة إلى الله سبحانه، وأدلاّء على مرضاته، ولئلاّ يقول أحد: (رَبَّنٰا لَوْ لاٰ أَرْسَلْتَ إِلَيْنٰا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيٰاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَ نَخْزىٰ) 2، وهكذا شُرّعت الرسالات تَتْرى على الناس، كلّما استكملت رسالة أهدافها أعقبتها أُخرى أوسع منها وأشمل لتلبية حاجات الأمم ومتطلّباتها.
والملاحظ من خلال مطالعة الكتاب العزيز والسنّة الشريفة أنّ الرسل لم يكونوا في مرتبة واحدة، بل إنّ لكلّ واحد منهم خصائصه الذاتية والرسالية، كما أنّهم ليسوا صنفاً واحداً، ولاهم في مرتبة واحدة؛ فهناك أنبياء ورسل، وقد تجتمع النبوّة والرسالة في شخص واحد كما تميّز أولو العزم من الرسل بمميّزات خاصّة، بل نجد أولي العزم أنفسهم يختلفون في مراتبهم وتتفاوت درجاتهم، وقد اختصّ الله بعضهم بالإمامة كإبراهيم عليه السلام كما سيأتي، ووهبه إسحاق ويعقوب عليهما السلام ، حيث قال تعالى: (وَ وَهَبْنٰا لَهُ