38
الأَبْصَارَ) ، أنّه قال: «إحاطة الوهم، ألا ترى إلى قوله: (قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ) ليس يعني بصر العيون (فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ) ليس يعني من البصر بعينه (وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا) ليس يعني عمى العيون، إنّما عنى إحاطة الوهم كما يقال: فلان بصير بالشعر، وفلان بصير بالفقه، وفلان بصير بالدراهم، وفلان بصير بالثياب، الله أعظم من أن يرى بالعين» 1، إلى غير ذلك من الروايات الشريفة التي ستأتي الإشارة إلى عددٍ منها لاحقاً.
ومن المقاربات التفسيرية التي ذكرها المفسّرون في الاستدلال بالآية الكريمة على نفي الرؤية، قول الآلوسي تقريراً لرأي المعتزلة: إنّ الإدراك المضاف إلى الأبصار إنّما هو الرؤية، ولا فرق بين (أدركته ببصري) و(رأيته) إلاّ في اللفظ أو هما متلازمان لا يصحّ نفي أحدهما مع إثبات الآخر، فلا يجوز (رأيته وما أدركته ببصري) ولا عكسه، فالآية نفت أن تراه الأبصار وذلك يتناول جميع الأبصار بواسطة اللام الجنسية في مقام المبالغة في جميع الأوقات، لأنّ قولك (فلانٌ تدركه الأبصار) لا يفيد عموم الأوقات، فلا بدّ أن يفيده ما يقابله، فلا يراه شيء من الأبصار لا في الدُّنيا ولا في الآخرة لما ذكر، ولأنّه تعالى تمدّح بكونه لا يُرى حيث ذكره في أثناء المدائح، وما كان من الصفات عدمه مدحاً كان