13الخليل وإسكندر وكسرى فيما مضى ولم نرهم، ونعلم علماً ضرورياً بوجود لندن وشيكاغو وموسكو ولم نرها، ولا نسمي هذا العلم رؤية وإنْ بالغنا، فأنت تقول: أعلم بوجود إبراهيم عليه السلام وإسكندر وكسرى كأنّي رأيتهم، ولا تقول: رأيتهم أو أراهم، وتقول: أعلم بوجود لندن وشيكاغو وموسكو، ولا تقول: رأيتها أو أراها.
وأوضح من ذلك علمنا الضروري بالبديهيات الأولية التي هي بسبب كليتها غير مادية ولا محسوسة، مثل قولنا: الواحد نصف الاثنين، والأربعة زوج، والإضافة قائمة بطرفين؛ فإنّها علوم ضرورية يصح إطلاق العلم عليها ولا يصح إطلاق الرؤية عليها البتة، ونظير ذلك جميع التصديقات العقلية الفكرية، وكذا المعاني الوهمية.
وعموماً: العلوم التي نسميها حصولية لا نسميها رؤية وإنْ أطلقنا عليها العلم، فنقول علمناها ولا نقول: رأيناها، إلا بمعنى القضاء والحكم لا بمعنى المشاهدة والوجدان.
لكن بين معلوماتنا ما لا نتوقف في اطلاق الرؤية عليه واستعمالها فيه، نقول: أرى أنّي أنا وأراني أريد كذا وأكره كذا، وأحب كذا وأبغض كذا وأرجو كذا وأتمنى كذا، أي أجد ذاتي وأشاهدها بنفسها من غير أن احتجب عنها بحاجب، وأجد