26
التفكيك بين المفهوم والمصداق
من اللوازم المترتبة على الإيمان بنظرية إمكان المعرفة أن تتحمّل أعباء مواجهة إشكالية الكيفية، إذ كيف يكون بمقدور المفاهيم الإنسانية بطابعها المحدود المتلابس مع المادّة أن تكون أداةً لمعرفة صفات المطلق وأسمائه؟
يتمثّل إنجاز هذه النظرية علمياً أنّها تؤمن بالاشتراك المعنويّ للمفاهيم بين الممكن والواجب، بيدَ أنّها تميّز بينهما بالمصداق.
عندما تطلَق أوصاف العلم والقدرة والحياة وغيرها على الله سبحانه فإنّ معاني هذه المفاهيم واحدة بينه وبين الإنسان، ففي مقولة (الله عالم) و(علي عالم) يكون معنى العلم بينهما واحد على سبيل الاشتراك المعنوي، لا أنّه في الله سبحانه بمعنىً وفي عليّ بمعنىً آخر، لكنّ الاختلاف يكون في المصداق، فأين التراب وأين ربّ الأرباب؟! فالمصداق في الإنسان هو: ممكن، فقير، محدود، مجسّم، لكنّه في الله سبحانه: مطلق، غير متناه، واجب وغنيّ.
تعتقد هذه النظرية أنّ هذا المسار القائم على التمييز بين المفهوم والمصداق هو ااط السويّ في معرفة الصفات الذاتية، فالمفهوم مشترك معنويّ، بيدَ أنّ أحدهما غير الآخر في المصداق، وعلى هذا يوجد مشارك لله سبحانه من حيث المفهوم،